للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المقدّمة الرّابعة.

فإذا عرفت هذا؛ فاعلم أنّ القرينة متى (١) كانت معروفة عند المتخاطبين, [أو] (٢) عليها دليل قاطع يوجب اليقين حسنت المبالغة في التّجوّز ولم يدخل في باب التّعمية للمراد والإلغاز في الخطاب, هذ عند المتكلّمين, وسواء كان القاطع جليّاً أو خفيّاً, وعند أهل الحديث: متى كانت القرينة معروفة عند المتخاطبين حسن /التّجوّز وزال الإشكال. والسّرّ كلّه في هذه النّكتة هي: ظهور القرينة وخفاؤها, وعلى ذلك يدور الخلاف بين المتكلّمين والمحدّثين في كثير من التّأويل, فإنّ المتكلّمين يجعلون قرينة التّجوّز في كثير من آيات الصّفات وأحاديثها عقليّة, وإذا سألتهم عنها أحالوا في ثبوت تلك القرينة العقلية على النّظر في دقائق معارف علم المعقول التي نازعهم في صحتها من شاركهم في المعرفة بالعقليّات لدقّتها وغموضها, فكيف يتقدّر أنّ الصحابة ومن عاصرهم من العرب عرفوها؟

ومن مارس علم النّظر وعلم التّاريخ حصل له من مجموعهما علم ضروري بخلو أهل ذلك العصر الأوّل عن تلك المعارف, فأشكل الأمر حينئذ على المتكلّمين, لأنّهم إن قالوا: إنّ أهل ذلك العصر الأوّل تأوّلوا من غير دليل, وقالوا بالتّجوّز من غير قرينة فهذا لا يجوز, وهو يفتح باب القرمطة ومذهب الباطنية المجمع على بطلانه, وإن


(١) في (س): ((التي))!.
(٢) في (أ): ((و)) والمثبت من (ي) و (س).