للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المفرط فعرف الطّيف, وعلم أنه لا يقدر قطع تلك المسافة المتطاولة في ليلة واحدة, وأنّه لا يصحّ في الطّيف أن يأتي نهاراً؛ لأنّه وقت اليقظة, وهذا معنى لطيف يهزّ البلغاء طرباً.

ومما جاوز حدّ الغرابة في هذا قول الزّمخشري كناية عن الجماع:

وقد خطبت على أعواد منبره ... سبعاً رقاق المعاني جزلة الكلم

وقد اعترض نفسه باستعارة هذه الأمور الشّريفة لما لا حظّ له في مراتب الشّرف.

وللشّيخ عمر بن الفارض في هذا من الإجادة ما ليس لغيره, من ذلك قوله (١):

كان لي قلب بجرعاء الحمى ... ضاع منّي هل له ردّ علي

فاعهدوا بطحاء وادي سلم ... فهو ما بين كداء وكدي

فإنّه لما تجوّز في ضياع قلبه, بنى عليه ما يبنى على الضّياع الحقيقي فأمرهم بطلب قلبه, وعيّن لهم الموضع الذي هو فيه, وحدّه بكداء وكدي, وهما موضعان بمكة المشرّفة (٢).

ومن أطول ما سمعته في هذا المعنى وأحسنه قصيدة الشّيخ أبي حفص عمر بن الفارض الصّوفي السّعدي نفع الله به (٣) , التي قال فيها (٤):


(١) ((ديوانه)): (ص/٢٠٣).
(٢) انظر: ((معجم البلدان)): (٤/ ٤٣٩).
(٣) انظر التعليق (ص/٢٤, ٤٢٣).
(٤) ((ديوانه)): (ص/١٧٩).