للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شربنا على ذكر الحبيب مدامة ... سكرنا بها من قبل أن يخلق الكرم

ولها البدر كأس هي شمس يديرها ... هلال وكم يبدو إذا مزجت نجم

ولولا شذاها ما اهتدينا (١) لحانها ... ولولا سناها ما تصوّرها الوهم

فإن ذكرت في الحيّ أصبح أهله ... نشاوى ولا عار عليهم ولا إثم

ومن بين أحشاء الدّنان تصاعدت ... ولم يبق فيها (٢) في الحقيقة إلا اسم

وإن خطرت يوماً على خاطر امرىء ... أقامت به الأفراح وارتحل الهم

ولو نظر النّدمان ختم إنائها ... لأسكرهم من دونها ذلك الختم

ولو نضحوا منها ثرى قبر ميّت ... لعادت إليه الرّوح وانتعش الجسم

ولو طرحوا في فيء حائط كرمها ... عليلاً وقد أشفى لفارقه السّقم

ولو نال فدم القوم لثم قدامها ... لأكسبه معنى شمائلها اللّثم

هنيئاً لأهل الدّير كم سكروا بها ... وما شربوا منها ولكنّهم همّوا

ودونكها في ألحان فاستجلها به ... على نغم الألحان فهي بها غنم

فما سكنت والهمّ يوماً بموضع ... كذلك لم يسكن مع النّغم الغمّ

/يقولون لي صفها فأنت بوصفها ... بصير, أجل عندي بأوصافها علم

صفاء ولا ماء ولطف ولا هوى ... ونور ولا نار وروح ولا جسم

إلى آخر ما ذكره الشّيخ. فانظر إلى ما فيها من التّرشيح, وتناسي التّشبيه, فإنّ الشّيخ لما تولّه في حبّ الله تعالى جلّ جلاله, وارتفعت في منازل المحبّة أحواله, شبّه الحبّ في تلعُّبه بعقول المحبّين بالخمرة


(١) في (أ) و (ي): ((اهتديت)).
(٢) في نسخة: ((منها)).