للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن عمر أنّ النّاس وهلوا في مقالة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلك فيما يتحدثونه بتلك الأحاديث نحو مئة سنة, وإنّما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد)) يريد بذلك أن ينخرم ذلك القرن, فهذا نصّ ابن عمر على أنّ النّاس وهلوا في ذلك, والوهل هنا: بمعنى الوهم في معنى كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال ابن الأثير في ((جامع الأصول)) (١): تقول: وهل إلى الشّيء إذا ذهب وهمه إليه: وقد يكون الوهل بمعنى الفزع, ولكنّه لا يلائم كلام ابن عمر ههنا, لقول ابن عمر في الرّدّ على من وهل: إنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أراد إلا انخرام ذلك القرن, فدلّ على أنّهم وهموا أنّه أراد القيامة, كما قد جاءت أحاديث توهم ذلك, ولعلّها من رواية أولئك الذين وهموا (٢) والله أعلم.

ومثل هذا إذا وقع نادر في بعض الأحاديث, لم يوجب التّشكيك في الرّجوع إلى الأحاديث الصّحيحة, فإنّ الثّقة لا يعصم من الخطأ. وفي ((الصّحيح)) (٣): ((من كذب عليّ متعمّداً فليتبوّأ مقعده من النّار)) فقيّد الوعيد بالتّعمّد, وأجمع العلماء على أنّ الثّقة لا يجرح بالخطأ إلا إذا كثر كما تقدّم تفصيله (٤).


(١) (٣/ ٥٢) , لكنها في شرح ((وهم)).
(٢) راجع التعليق (ص/٤٤٣).
(٣) حديث متواتر, انظر: ((قطف الأزهار)) (ص/٢٣) للسيوطي.
(٤) (ص/٤٧, ١٦١).