للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإله [ليختبرهم] (١) , وهذا آخر امتحان المؤمنين, وإذا قال لهم هذا الملك أو هذه الصورة: ((أنا ربّكم)) رأوا عليه من سمات المخلوق ما يعلمون به أنّه ليس بربّهم ويستعيذون بالله منه.

وأمّا قوله: ((فيأتيهم الله في صورته التي يعرفونها)) فالمراد بالصّورة هنا الصّفة, ومعناه فيتجلّى لهم على الصّفة التي يعرفونها, وإنّما عبّر عن الصّفة بالصّورة لمشابهتهما ولمجانسة الكلام فإنّه تقدم ذكر الصورة, وأمّا قولهم: ((نعوذ بالله منك)) فقال الخطّابي: يحتمل أن تكون الاستعاذة من المنافقين خاصّة, وأنكر القاضي عياض هذا, قال النّووي: وما قاله القاضي عياض هو الصّواب, ولفظ الحديث مصرّح به أو ظاهر فيه, وإنّما استعاذوا منه لما قدّمناه من كونهم رأوا سمات المخلوق. وأمّا قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((فيتبعونه)) فمعناه يتبعون أمره إيّاهم بذهابهم إلى الجنّة)) انتهى ما ذكره النّووي - رضي الله عنه -.

وقوله في هذا التّأويل: فيتجلّى لهم على الصّفة التي يعرفونها, أراد به تجلّي الرّؤية على مذهب أهل الحديث والأشعرية وغيرهم, وقد صرّح به لكنّه سقط التّصريح له من هذا الكلام (٢) , ولم يحضرني ((شرح مسلم)) فانقل منه كلامه بنصّه (٣).


(١) في ((الأصول)): ((لتحريهم))! والتصويب من ((شرح مسلم)).
(٢) في (س): ((الكلام المنقول)).
(٣) نصّه في ((شرح مسلم)): (٣/ ٢٠): ((وأمّا قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((فيأتيهم في صورته التي يعرفون)) فالمراد بالصورة هنا الصفة, ومعناه: فيتجلّى الله سبحانه وتعالى لهم على الصّفة التي يعلمونها ويعرفونه بها, وإنّما عرفوه بصفته, وإن لم تكن تقدّمت لهم رؤية له -سبحانه وتعالى-؛ لأنهم يرونه لا يشبه شيئاً من مخلوقاته, وقد علموا أنه لا يشبه شيئاً من مخلوقاته, فيعلمون أنّه ربّهم, فيقولون: ((أنت ربّنا)).
وإنما عبّر بالصورة عن الصفة .... )) اهـ, وانظر التعليق (ص/٤٤٩).