للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمّا على مذهب المعتزلة فتأويل التّجلّي عندهم كتأويله في قوله تعالى: ((فلمّا تجلّى ربّه للجبل جعله دكاً)) [الأعراف/١٤٣] , ويكون المعنى عند المعتزلة على مقتضى أساليبهم في التأويل: فيتجلّى ما يدلّ على عظيم قدرة الله تعالى, وإحاطة علمه من عجائب أفعاله المعجزة لجميع المخلوقين التي يعلم بها أنّه المكلم.

وإنّما ذكرت تأويل الحديث على كلّ مذهب ليظهر للمعترض بطلان قوله: إنّ تأويل الحديث غير ممكن على مذهب المعتزلة, وأنه يجب على أصولهم ردّه, وقد ظهر أنّه لا يمكنهم ردّه, مع إقرارهم بما هو مثله في كتاب الله تعالى, وليس في الحديث الذي أورده المعترض ما يظنّ أنّه زائد على ما في القرآن إلا ثلاثة أمور:

أحدها: ذكر أنّهم سجدوا لتلك الصّورة, والجواب عنه من وجهين:

الوجه الأوّل: أنّه يجوز أن يكونوا قصدوا بالسّجود التّعبّد لله تعالى عند رؤيتهم لذلك الملك, تعظيماً لله تعالى حين رأوا من عظيم مخلوقاته ما يوجب ذلك.

الوجه الثاني: أنّه يجوز السّجود للملك على سبيل التّعظيم والتّكرمة, كما سجدت الملائكة لآدم - عليه السلام - , وكما سجد إخوة يوسف له, فإنّ تحريم السّجود لغير الله حكم شرعي يجوز تغيّره إجماعاً.