للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لروايته في الحديث ((فيكشف عن ساقه)) وهذا من الجهل المفرط, فإنّه لا فرق بين كشف السّاق, والمجيء عند أهل التّأويل في جواز إسناد الجميع من ذلك إلى غير الله, وامتناع إسناده إليه سبحانه وتعالى, وكذلك قوله في الحديث: ((فيضع الرّبّ قدمه)) أي فيضع رسول الرَّبِّ قدمه, أو نحو ذلك, وهذا النّوع من التّأويل عربي فصيح, ومنه قول جبريل - عليه السلام - فيما حكى الله عنه: ((لأهب لك غلاماً زكيّاً)) [مريم/١٩] في إحدى القراءتين (١)؛ ومنه قول عيسى - عليه السلام -: ((وأحيي الموتى بإذن الله)) [آل عمران/٤٩] أراد: ويحيي الله الموتى عند إرادتي لذلك, ومنه الحديث الصّحيح الذي أخرجه مسلم في ((صحيحه)) (٢) عن أبي هريرة أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إنّ الله عزّ وجلّ يقول يوم القيامة: يا ابن آدم مرضت فلم تعدني /, قال: يارب! كيف أعودك وأنت ربّ العالمين؟ قال: أما علمت أنّ عبدي فلاناً مرض فلم تعده, أما علمت أنّك لو عدته لوجدتني عنده)) الحديث إلى آخره.

وهو صحيح صريح في صحة مجاز الحذف الذي نحن فيه, وكذلك ما ورد في الحديث من ذكر الضّحك فهو أسهل من هذا كلّه, إن شئنا جعلناه من قبيل الإيجاز وحذف المسند إليه, ويكون مسنداً في الحقيقة إلى الملك, وإن شئنا جعلنا التّجوّز في الضّحك لا في


(١) القراءة الأخرى: ((ليَهَبَ لم غلاماً)) , وهي قراءة أبي عمرو ويعقوب, ونافع برواية وَرْش. انظر: ((المبسوط)): (ص/٢٤٣) للأصبهاني.
(٢) برقم (٢٥٦٩) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.