للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإسناد, ويبقى الضّحك المجازيّ مسنداً إلى الله تعالى, فقد صحّ نسبة العجب والغضب والرّضا إلى الله تعالى, وكلام أهل التّأويل في هذه الأمور متقارب, وقد اشتهر في لغة العرب التّجوّز في الضّحك, وشحن البلغاء أشعارهم بذكر ضحك البروق والأزهار والأنوار, وقد فسّروا ضحك الرّبّ برضاه. وذكر ابن متّويه المعتزلي ضحك الأرض في المجاز وأنشد في ذلك:

* تضحك الأرض من بكاء السّماء *

وقد اتّسع البلغاء في ذلك حتّى نسبوا الضّحك إلى القبور, فدع نسبته إلى الأنوار والزّهور! قال المعرّي (١):

ربّ قبر صار [قبراً] (٢) مراراً ... ضاحك (٣) من تزاحم الأضداد

وقد أذكرني التّجوّز في الضّحك ليلة عجيبة كانت مرّت بي, طلع القمر فيها, وهو في غاية (٤) التّمام والإنارة, وكان طلوعه من الجانب الشّرقي في حال التماع بروق منيرة من الجانب الغربي, مع مطر وحنين رعود, واجتمعت الأنوار مع زهور رياض مختلفة الألوان في المكان الذي نحن فيه, وكان ذلك عقيب وداعنا لبعض إخواننا رعاه الله تعالى, فقلت في ذلك:


(١) ((سقط الزند)): (٣/ ٩٧١).
(٢) في (أ) و (ي): ((لحداً)) والمثبت من ((سقط الزند)) , و ((العواصم)): (٨/ ٣٤٣).
(٣) في (أ) و (ي): ((ضاحكاً)) والتصويب من ((سقط الزند)).
(٤) في (س): ((نهاية)) , وأشار إلى نحو ذلك في هامش (أ).