الأشعرية وأهل الحديث, وهذا لفظه قال: أمّا المجبّرة فعندهم أنّ الله تعالى يحوز أن يعاقب المطيع وأن يثيب العاصي فلا فائدة في الطّاعة, وأيضاً فعندهم أنّ أفعالهم من الله تعالى, فالإثابة عليها والعقاب لا معنى له, فإن قالوا: هذا من جهة العقل, لكن قد ورد السّمع أنّه يدخل المطيع الجنّة والعاصي النّار, قلنا: إنّه إنّما وعد ذلك مقروناً بمشيئته لقوله: ((يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء)) [الفتح/١٤] وهم لا يعلمون من الذين يشاء الله أن يغفر لهم.
أقول: الجواب عليه من وجوه/:
الوجه الأوّل: أنّا قد بيّنّا غير مرّة أنّ الأشعرية وأهل الحديث لا يقولون بالجبر, وبيّنّا نصوص أئمتهم على ثبوت الاختيار ونفي الإجبار كالجويني والخطّابي والنّووي وابن الحاجب, وغير واحد ممّن قدّمنا ذكره, وهم أعرف بمذاهبهم من غيرهم, والرّجوع إليهم في تفسير مقاصدهم في عباراتهم أولى من الرّجوع إلى من عداهم؛ وإذا جاز أن يُنسب إليهم ما هم مفصحون بالبراءة منه, جاز أن ينسب إلى الشّيعة والمعتزلة مثل ذلك, فوجب اطّراحه والرّجوع إلى العدل والإنصاف, والحكم بما ظهر من أهل الخلاف.
الوجه الثّاني: أنّ المعلوم ضرورة من مذهبهم خلاف ما ذكره, وإنّما ألزمتهم ذلك المعتزلة مجرّد إلزام, كما أنّهم ألزموا المعتزلة القول بأقبح من ذلك في كثير من مسائل الكلام, والفريقان أعقل من أن يرتكبوا من الكذب المعلوم بالضّرورة ما ارتكبه المعترض, فإن