أمّا بطلانها؛ فلأنّهم مصرّحون بأنّ ذلك لا يجوز بدليل السّمع القاطع, بل مجوّز ذلك يكفر عندهم بشكّه فيما هو معلوم من الدّين بالضّرورة.
وأمّا شبهها بالحقّ؛ فلأنّ عبارة بعض الأشعرية في علم الكلام توهم أنّ ذلك عندهم جائز في العقل فقط, وقد بيّنا فيما مضى موضع الخلاف بينهم وبين المعتزلة في التحسين والتقبيح, وأنّهم لم يخالفوا في أنّ المستقبح بضرورة العقل صفة نقص, وأنّ الله تعالى منزّه عن صفة النّقص, وإنّما خالفوا في أنّ فاعل صفة النّقص يستحق الذّمّ والعقاب بمجرّد العقل, وعلى كلّ تقدير فإنّهم يمنعون مما ذكر أنّهم يجيزون إمّا عقلاً وسمعاً, وإمّا سمعاً, ومنعهم من ذلك سمعاً كاف في تحريم نسبة تجويز ذلك إليهم (١) , ألا ترى أنّ المعتزلة والشّيعة يقولون بأنّ نكاح الأمّهات والأخوات حسن عقلاً, لكنّه قبيح شرعاً, لم يلزمهم تجويز ذلك على الإطلاق.
الوجه الثّاني: في بيان سلوكه مسلك المغالطة قوله: فلا فائدة في الطّاعة, فإنّه أوهم أنّ هذا من جملة مذهبهم ليتمّ له ما قصد من الاستدلال على تجرّئهم على الكذب/ على الله تعالى ورسوله, فهذا باطل من هذا الوجه, وهو شبيه بالحقّ لأنّه يوهم الجاهل أنّ مذهبهم
(١) في (أ) و (ي) بعد هذه الكلمة بياض بمقدار ثلاث كلمات, ثم كتب في هامش النسختين إكمالاً للفراغ: ((على حدّ ما لو منعوه عقلاً. ظ)) ثم عُلّق بما يأتي: ((لم نجد في نسخة صحيحة هذا البياض, ولا التظنين)) وهو كذلك في (س).