للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يجادل عنهم, وطلبوا من النّبي - صلى الله عليه وسلم - ترك الجهاد حتّى يتعلّموا أدلّة علم الكلام، ويجيب النّبي - صلى الله عليه وسلم - على (١) جميع شُبه الفلاسفة القادحة في العلم حتّى يؤمنوا على يقين، ما عذرهم النّبي - صلى الله عليه وسلم - في الكفر يوماً واحداً، وكيف يمهلهم ويترك جهادهم حتّى يتعلّموا ذلك! وتعلّم ذلك على الوجه المرضيّ لم يحصل لأهل الّدربة في النّظر إلا في مدّة طويلة، وإذا جازت المهلة في مدّة النّظر حتّى يحصل للنّاظر العلم بما ذكره المعتزلة، وجب الرّجوع في معرفة مدّة المهلة إلى النّاظر، لأنّ النّاس يختلفون في سُرعة حصول العلم بالنّظر على حسب فطنهم، ومعرفة ذلك بالوحي بعد انقطاعه غير ممكنة، فلزم الخصم أمهال من اعتذر بذلك حتّى يقرّ بحصول العلم له وأنّه معاند، أو الرّجوع إلى ما بدأ به أهل الحديث من الدّعاء والجهاد والاكتفاء ببيان الله تعالى.

الوجه الخامس: أنّها وردت نصوص تقتضي العلم أو الظّنّ أنّ الخوض في الكلام على وجه التحكيم للأدلّة العقلية في المحارات الخفيّة، وتقديمها على النّصوص السّمعية مضرّة عظيمة، ودفع المضرّة المظنونة واجب عقلاً بإجماع الخصوم ودليل المعقول.

فإن قالوا: وفي ترك علم الكلام خوف مضرّة أيضاً.

فالجواب: أنّ تسمية المرجوح خوفاً غيرُ مسلّم، وإلاّ لسُمّينا خائفين لسقوط الأبنية القائمة الصّحيحة علينا.

وسلّمنا أنه يسمّى خوفاً. لكن دفع المضرّة الموهومة أو المجوّزة لا يجب، لا سيما إذا لم يندفع إلا بارتكاب ما فيه مضرّة


(١) في (س): ((عن)).