للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعليمها لأنّ ما لم يتعلّق بالإسلام من ذلك لم (١) يجب إجماعاً, وما يتعلّق بالإسلام منه فقد بينه الله تعالى, وما بينه الله لم تجب إعادة البيان, ألا ترى أنّ ما بيّنه بعض العلماء لم تجب إعادة بيانه, مع أنّه ربما ظنّ أنّه قد بيّن للخصم ولم يتبيّن للخصم صحّة ما ذكره, فأولى وأحرى أن لا تجب إعادة بيان ما بينه الله تعالى, لأنّه يعلم البواطن ويعلم أنّه قد أقام الحجّة, وقد أعلمنا بذلك فعلمنا بخبره لنا قيام الحجّة على الكفّار, وكان ذلك أتمّ من مناظرتنا لهم, غاية ما في الأمر أنّ هذا تخصيص للعمومات الموجبة لتعلّم (٢) الجاهل, فهو تخصيص صحيح لأنّه تخصيص بالعقل, وتخصيص العموم جائز عند جماهير (٣) العلماء بالقياس الظّنّي, كيف بالدّليل العقلي!.

الوجه الثّاني: أنّا نخصّص تلك العمومات بفعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , فإنّه - عليه السلام - لم يشتغل ببيان كيفية النّظر وتعليم العقلاء ذلك, بل دعا النّاس إلى الإسلام, وقاتلهم عليه وبلّغ ما أوحي إليه, والعلماء ليسوا أبلغ من الأنبياء, وقال تعالى في حقّ الأنبياء: ((وما علينا/إلا البلاغ المبين)) [يس/١٧] كذلك العلماء فإنّما هم ورثة الأنبياء, وأهل السّنة قد قاموا بحقّ الوراثة للعلم النّبوي, وقد علمنا أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يأمرنا بالمناظرة قبل قتال الكفّار, وإنّما أمرنا بالدّعاء قبل القتال حتّى اشتهرت الدّعوة النبوية وقاتل - عليه السلام - قبل الدّعوة.

ومن المعلوم أنّ الكفّار لو اعتذروا بالشّبه وجاءوا بفيلسوف


(١) في (س): ((لا)).
(٢) في (س): ((لتعليم)).
(٣) سقطت من (س).