للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوجه الثالث: من (الأصل) (١) أنّ (٢) كلّ مسلم يبذل جهده في دعاء الكفّار إلى الله تعالى بالدّليل والموعظة, على قدر قوّة عقله وبلاغة منطقه, من متكلّم أو محدّث أو عامّيّ, ولا يجب تعلّم الكلام لذلك, فليس كلّ من قرأ الكلام تمكّن من تمييل القلوب المصرّة على الكفر إلى الإسلام, وإنّما يتمكّن من ذلك من أهل الكلام من آتاه الله تعالى صفاء الذّهن, وحسن الفهم, والبراعة في تعليم غوامض العلم, وأهل هذه الصّفة العزيزة قليل من المتكلّمين وغير محتاجين إلى تعلم الكلام, بل في فطرهم ما يكفيهم, كما كان الذين ابتكروا علم الكلام وسبقوا إليه.

الوجه الرابع: سلّمنا أنّه من عرف علم الكلام تمكّن من محاجّة الكفّار وإفحامهم دون غيره, ولكن ذلك لا يجب ولا يستحب, أمّا أنّه لا يجب فلعدم ما يدلّ على وجوبه, وأمّا أنّه لا يستحب فلما يخاف من المضرّة الحاصلة بمعرفته كما تقدّم تحقيق ذلك في (الوهم الثّاني عشر) (٣).

فإن قيل: قد ورد في السّمع ما يدلّ على وجوب البيان على العلماء؛ فالجواب من وجوه:

الوجه الأوّل: أنّ المراد بذلك بيان ما لم يبيّنه الله تعالى للعامّة إلا بواسطة علماء الشّريعة, من أحكام الفروع وأركان الشّريعة, وأمّا العلوم العقلية التي ساوى الله تعالى بين الجميع فيها فلا يجب


(١) أي: من تحقيق الجواب عن المعترض انظر (ص/٥٧٠, ٥٧٢).
(٢) سقطت من (س).
(٣) (ص/٣٢٦).