للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك وطلبوا غيره، فأرسل بمتكلّم فدسوا عليه من فهّمه (١) في طريقه فوجدوه كما يحذرون، فسمّوه قبل الوصول إليهم.

والجواب على ذلك من وجهين:

الوجه الأوّل: معارضة وهي أن نقول: أخبرنا ما كان يصنع الصّحابة والتابعون ومن أجاز التقليد في الأصول من المتكلّمين وأهل المعارف الضّرورية منهم، وأوّل من ابتكر علم الكلام، فإنّه لا يمكن من لا يعرف الكلام أن يصنع مثلهم (٢)؟ فإن قالوا: إنّه كان في الصّحابة وكّل من ذكرتم من يتمكّن من ذلك من غير تعليم ولا رياضة في الكلام لفرط ذكائه، قلنا: ما المانع أن يكون في كّل عصر من هو كذلك مثل أوائل مشايخ الكلام، بل أوائل أهل الفلسفة والبراهمة، بل الذي يتمكّن من حلّ الشّبه من أهل الكلام وهو من خصّه الله تعالى بالذكاء والفطنة، وليس كل من قرأ الكلام صلح للذّبّ عن الدّين ومناظرة الملحدين، وإذا كانت الصّلاحية لذلك لذلك موقوفة على الذّكاء وحسن الإيراد والإصدار، فذلك موجود في المتكلّمين وغيرهم كما أقرّ المتكلّمون أنه كان في الصّحابة من يعرف ذلك ويتمكن منه من غير رياضة في تعلّم الكلام، وإذا اتفق لبعض أهل الحديث البلداء مالا يخفى على الأذكياء ضعفه، فذلك (٣) قد يتّفق لبعض أهل الكلام من الاختيارات الرّكيكة مالا يخفى الأذكياء ضعفه كما قدّمنا في


(١) كذا في الأصول.
(٢) في (س): ((مثله)).
(٣) في (س): ((فكذلك)).