للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(الوهم الثّاني عشر) (١).

الوجه الثّاني: أن أصولكم تقتضي عدم الخوف من ذلك، لأنّ عندكم أنّ النّظر واجب على العبد، والبيان واللّطف واجبان على الله تعالى، فنقول: لا حاجة على هذا إلى تعلّم الكلام بل نقف حتّى ترد الشّبهة، فإن لم تقدح في أحد أركان الدّليل لم توجب شكّا ولا تستحق جواباً، وإن قدحت فعلنا ما يجب علينا وهو النّظر عند المعتزلة، والله تعالى يفعل عندهم ما يجب في حكمته وهو البيان لنا والهداية واللطف المطلع على أسباب الدّراية، ومع ذلك تجلّى لنا المشكلات، ونسلم من مداحض الشّبهات.

فإن قيل: فهل تقولون بقبح النّظر؟ فقد أبطلتم كلّ النّظر ببعض النّظر، لأنّ أدلّتكم هذه نظرية وهذا متناقض.

والجواب أنّا لا نقبّح النّظر، وكيف وقد أمر الله تعالى به! ونحن إنّما دفاعنا عن الكتاب والسّنة، ولكنّا نبطلُ مبتدع النّظر بمسنونه، فنبطل من الأنظار ما أدّى إلى القدح على الصّحابة - رضي الله عنه - وإلى تفكير المسلمين، وإلى القطع في صفات الله تعالى بغير تقدير ولا هدى ولا كتاب منير، وقد بيّنّا في (الوهم الثّاني عشر) (٢) أنّ الذي يبطله أهل السّنة من النّظر نوعان:

أحدهما: ما كان متوقفاً على المراء واللّجاج الذي لا يفيد اليقين، ويثير الشّرّ.


(١) (ص/٣٢٦).
(٢) (ص/٢٣٦).