للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأهل السّنة لا يكادون يفهمون ما دقّ من السّمع والعقل, ولهم من الفهم ما تقوم عليهم به الحجّة ويلزمهم معه التّكليف, وقد ذكر الله تعالى في سورة هود في محاجّة الأنبياء وجدالهم, ما معرفته مغن (١) عن ذكره, وكذا ذكر محاجّة إبراهيم لقومه, ومحاجّة يوسف لصاحبي السّجن, ونحو ذلك مما يطول ذكره.

الوجه الثّاني: أنّ الله تعالى أجمل كيفية الجدال بالتي هي أحسن في تلك الآية وببيّنه في غيرها بتعليمه في القرآن العظيم لنبيه - صلى الله عليه وسلم - فقال تعالى: ((إنّ الدّين عند الله الإسلام وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم ومن يكفر بآيات الله فإنّ الله سريع الحساب, فإن حاجّوك فقل أسلمت وجهي لله ومن اتّبعن وقل للّذين أوتوا الكتاب والأمّيين ءأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولّوا فإنّما عليك البلاغ والله بصير بالعباد)) [آل عمران/١٩ - ٢٠] فهذه الآية الكريمة على ما يتمنّاه السّني في وضوح الدّلالة على المقصود في هذا الباب, من النّصّ الصّريح على أنّ ما ذهبوا إليه وأجابوا به أهل اللّجاج في الدّين, هو الذي أمر الله به رسوله - صلى الله عليه وسلم - من الاقتصار على مجرّد الدّعاء إلى الإسلام, والاتّكال في إيضاح الحجّة على ما قد فعله الله تعالى لهم من خلق العقول, وبعثة الرّسول, وإنزال الآيات, وظهور (٢) المعجزات وتكثير موادّ البيّنات, كما قال سبحانه وتعالى في تمثيل نور هدايته للخلق إلى معرفة الحقّ: ((الله نور السّماوات والأرض مثل نوره


(١) في (س): ((تغني)).
(٢) في (س): ((وإظهار)).