للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزّجاجة كأنها كوكب درّيّ يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم)) [النور/٣٥] فمن ادّعى عدم بيان أدلّة الإسلام بعد هذا لم يقبل منه ولا يلتفت إليه, وقد نصّ الله على ما يكذّب القائل لذلك في قوله تعالى في الآية المتقدّمة: ((وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم)) [آل عمران/١٩] في العلم ببواطنهم, وما أقام عليهم من الحجّة حتّى استوجبوا العقوبة والغضب من الله تعالى, فأمّا الخوض مع أهل المراء واللّجاج, والطّمع في هدايتهم بالجدال والحجاج, فذلك ما لا يطمع فيه بصير, ولا جاء به كتاب منير, وكيف تطمع في أهل الزّيغ وقد حكى الله تعالى عنهم (١) أنّهم جادلوه يوم القيامة (٢) وأنكروا ما صنعوا من معاصيه -سبحانه- حتّى شهدت عليهم أيديهم وأرجلهم, وبعد أن شهدت عليهم لم يكل حدّ حجاجهم ولا خمد شواظ جدالهم, بل قالوا لأعضائهم: لم شهدتم علينا؟ قالوا: أنطقنا الله الذي أنطق كلّ شيء. فمن بلغ في اللّجاج إلى هذا الحدّ, كيف يطمع السّنّي أو الجدلي أن يفحمه بالدّليل ويهديه إلى/ سواء السّبيل؟! هيهات أن يكون ذلك أبداً, وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً!.


(١) في (ي): ((أنهم)) وهو سبق قلم.
(٢) سورة فصلت, الآيات: (١٩ - ٢٢).