وطرّزت بمطابقة الأحوال أفانينه. جوّزنا أنّه من طمطمة العجوم, وهمهمة علوم الرّوم!! ومتى سمعنا رطن الأعاجم وأصوات البهائم جوّزنا أنّها من رسائل البديع المضمّنة لعلوم البديع! ولو كانت الفصاحة من مقدورات السّحرة, وحيل حذّاقهم المهرة لقدروا بذلك على معارضة القرآن, فكيف وقد عجزوا عن يسير البيان! فأكثرهم لا يعرف وزن بيت من أيّ الأوزان, ولا يدري كيف الجولان في هذا الميدان! فانظروا في هذه المعجزة العظيمة الباقية على مرّ الدّهور الطويلة, التي أخرست مهرة الكلام من العرب وأسكنتهم وأردت فرسان البلاغة (١) فنكستهم, أظهر الله به عجزهم, وأبطل به عزاهم وعزّهم, وقد مرّ اليوم نيّف على ثمان مئة سنة من الهجرة النّبوية على صاحبها أفضل الصّلاة والسّلام ولم يقدر على معارضته إنسان, ولا نطق بمثل سوره لسان, على أنّ هذه المدّة الطّويلة مرّت على سحرة الكتابة والخطابة, ومهرة اليراعة والبراعة, أساة أساليب الكلام إذا اعتلّ/, وبناة أساسات البيان إذا اختل.
فسبحان من أخرس أمراء البيان عن معارضة هذا القرآن! وجعله عصمة لأهل الإيمان في جميع الأزمان:((قل لئن اجتمعت الإنس والجنّ على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً)) [الإسراء/٨٨]. فاستنصحوا القرآن واستهدوه واستخبروه واستشفوه, فإنّه النّاصح الذي لا يغش, والهادي الذي لا يضلّ,