للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٤. معرفة مخالفة الرواية للثابت المعروف]

وهذا أيضاً قد تقدمت أمثلته في مطلب مستقل (١).

٥. سلوك الجادَّة

معنى الجادَّة معظم الطريق، وهي أيضاً الطريق إلى الماء (٢).

والمقصود بسلوك الجادّة اتباع الطريق المعهود في الرواية، وتوضيح ذلك من كلام الشيخ المعلمي رحمه الله، قال: «وأغلب ما يكون الخطأ بالحمل على المألوف … وهكذا الخطأ في الأسانيد أغلب ما يقع بسلوك الجادة، فهشام بن عروة غالب روايته عن أبيه، عن عائشة، وقد يروي عن وهب بن كيسان، عن عبيد بن عمير، فقد يسمع رجل من هشام خبراً بالسند الثاني ثم يمضي على السامع زمان فيشتبه عليه، فيتوهم أنه سمع ذاك الخبر من هشام بالسند الأول على ما هو الغالب المألوف، ولذلك تجد أئمة الحديث إذا وجدوا راويين اختلفا بأن رويا عن هشام خبراً واحداً، جعله أحدُهما عن هشام، عن وهب، عن عُبيد، وجعله الآخر عن هشام، عن أبيه، عن عائشة فالغالب أن يُقدموا الأول، ويخطّؤوا الثاني، هذا مثال، ومن راجع كتب علل الحديث وجد من هذا ما لا يُحصى». (٣)

فذكر أن سلوك الجادة قرينة استعملها أئمة الحديث لتقوية ظنهم بخطأ من سلكها، وذلك أن الذي جاء بما يخالف المألوف يدل على مزيد ضبطه لما رواه فتُقدم روايته على من سلك الجادة. وقد تقدم عن الإمام أحمد ما يدل على اعتباره هذه القرينة طريقة لمعرفة الخطأ. قال: «وأهل المدينة إذا كان حديثٌ غلطٌ يقولون: «ابن المنكدر، عن جابر»، وأهل البصرة يقولون: «ثابت، عن أنس»، يُحيلون عليهما». (٤)


(١) ص: ٨٠١.
(٢) لسان العرب (٣/ ١٠٩، ١١٠).
(٣) بلوغ الأماني من كلام المعلمي اليماني (ص ١١٥ - ١١٦).
(٤) الكامل في ضعفاء الرجال (٤/ ١٦١٦)، وقد تقدم في ص (٦٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>