للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلب الثالث: لا منافاة بين ثقة الراوي والحكم على حديثه بالوضع.

وقد تقدم حديث الزَّنديْن وهو يصلح مثالا لهذا، وذلك أن محمد بن يحيى ثقة وقد روى حديثاً حكم عليه الإمام بأنه باطل بالإسناد الذي رواه.

ومثال آخر:

قال مهنّا: "وقلت: حدثنا يزيد بن هارون، أنا محمد بن عبد الرحمن بن مجبِّر، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اطلبوا الخير عند حسان الوجوه" فقال أحمد: محمد بن عبد الرحمن بن مجبِّر ثقة، وهذا الحديث كذب" (١).

هذا الحديث رواه عبد بن حميد (٢)، والخطيب (٣) كلاهما من طريق يزيد ابن هارون به. ورواه القضاعي في "مسند الشهاب" (٤)، والجرجاني (٥) من طريق الحجاج بن المنهال، ثنا محمد بن عبد الرحمن بن مجبِّر به.

فهذا الحديث حكم عليه الإمام أحمد بأنه كذب مع توثيقه لمحمد بن عبد الرحمن ابن مجبر راوي الحديث، ووجه ذلك أنه نظر إلى الرواية ورأى أنها باطلة، ولا منافاة بين توثيقه للراوي وحكمه على حديثه بأنه كذب، لأن ذلك محمول على أنه غلِط في الرواية إذ جائزٌ أن يكون قد وقع منه الغلط ثم رجع عنه.

ومحمد بن عبد الرحمن بن مجبر قال عنه يحيى بن معين: ليس بشيء. وقال أبو حاتم: ليس بقوي. وقال أبو زرعة: واهي الحديث (٦). وقال الفلاّس:


(١) المنتخب من العلل للخلال ٨٦/ ٢٨.
(٢) المنتخب من المسند ٢٤٣/ ٧٥١.
(٣) تاريخ بغداد ١١/ ٢٩٥ - ٢٩٦.
(٤) ١/ ٣٨٤/٦٦١.
(٥) تاريخ جرجان ١/ ٣٨٥.
(٦) الجرح والتعديل ٧/ ٣٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>