للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومثاله ما رواه عبد الله قال: "حدثني أبي قال: حدثنا هُشيم قال: أخبرنا الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل يوم خيبر للفرس سهمين وللرجل سهماً. حدثني أبي قال: حدثنا هُشيم قال: وعبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك. سمعت أبي يقول: لم يسمعه هُشيم من عبيد الله" (١)، فذكر الإمام أحمد أن هُشيماً لم يسمعه من شيخه الثاني، وهو عبيد الله بن عمر، ولم يصرح بعدم السماع بل قطع الكلام ثم وصله في حديث آخر يُوهم أنه قد سمعه منه، وإنما عنى بذلك العطف: وحدّث عبيد الله بن عمر.

الحكم على رواية المدلِّس:

الذي ورد عن الإمام أحمد في الحكم على رواية من عرف بالتدليس إذا جاءت عنه بدون تصريح بالسماع هو التوقف. قال أبو داود: "سمعت أحمد سُئل عن الرجل يُعرف بالتدليس، يحتجّ فيما لم يَقُلْ فيه: سمعتُ؟ قال: لا أدري، فقلت: الأعمش متى تُصاد له الألفاظ؟ قال: يضيق هذا، أي أنك تحتجّ به" (٢). واعتلّ لذلك بأن الأعمش ـ وهو ممن عُرف بالتدليس ـ يحتج بحديثه مع عدم الوقوف على تصريحه بألفاظ السماع، وأنه لو اشتُرط هذا لكان فيه تضييق.

وهذا التعليل إن أُخذ على ظاهره فإنه يدل على الاحتجاج بما رواه المدلس بالعنعنة، لكن الإمام أحمد لم يقل بذلك، وإنما توقف في المسألة، والذي أوجب ذلك التوقف أن بعض المدلسين إذا لم يصرحوا بالسماع في مروياتهم جاءوا بالمناكير. قال الأثرم عن أحمد بن حنبل: "إذا قال ابن جريج: قال فلان، وقال فلان، وأُخبرتُ، جاء بمناكير، وإذا قال: أخبرني، وسمعت


(١) العلل ومعرفة الرجال ـ برواية عبد الله ٢/ ٢٦١ رقم ٢١٩١ - ٢١٩٢.
(٢) سؤالات أبي دواد للإمام أحمد ص ١٩٩ رقم ١٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>