للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الخامس: إعلال حديث الراوي المكثر من الرواية عن المجهولين.

من الأمور المنتقدة على بعض الرواة كثرة روايتهم عن المجهولين، لأن ذلك يدل على عدم عنايته بانتقاء الشيوخ، وعدم التمكن من الوقوف على حال المجهولين. ويظهر أثر ذلك في ترحيح مرسل من ينتقي شيوخه على مرسل من لا ينتقيهم (١).

وقد كان الإمام أحمد ينكر على الرواة عدم انتقاء الشيوخ. قال محمد بن عبد الله: "كنت عند أحمد بن حنبل فقال له إبراهيم بن خرزاذ: يا أبا عبد الله، إن ابن عرعرة يحدث، فقال: أف، لا يُبالون عمن كتبوا ـ يعني إبراهيم بن عرعرة" (٢).

ومن أمثلة ما أعله الإمام أحمد من أحاديث الثقات لكون شيخهم في الإسناد مجهولاً:

قال أبو طالب: "سألت أحمد بن حنبل في السجن عن حديث يزيد بن هارون، عن بقية، عن أبي أحمد، عن أبي الزبير، عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كتبت كتاباً فتربه، فإنه أنجح للحاجة والتراب مبارك" فقال: هذا حديث منكر، وما روى بقية عن بحير بن سعيد، وصفوان والثقات يكتب، وما روى عن المجهولين لا يكتب" (٣).

هذا الحديث أخرجه ابن ماجه (٤)، وابن أبي شيبة (٥) بلفظ: [تربوا صحفكم أنجح لها، إن التراب مبارك] من طريق بقية به.


(١) انظر: ضوابط الجرح والتعديل ص ١٢٩.
(٢) تاريخ بغداد ٦/ ١٤٨.
(٣) الكامل في ضعفاء الرجال ٢/ ٧٣.
(٤) السنن ٢/ ١٢٤٠ ح ٣٧٧٤.
(٥) المصنف ٥/ ٣٠٨ ح ٢٦٣٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>