للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلا حالتيه، لأن الذي يروي حديثاً لا يرويه غيرُه قد انقطع عن سائر الرواة وانفرد عنهم، وكذلك الذي يروي حديثاً عن شيخه لا يرويه عنه غيرُه.

والذي ورد عن الإمام أحمد هو استعمال لفظ الغرابة ومشتقاتها، وذكر الحافظ ابن حجر أنها والتفرد مترادفان لغة واصطلاحاً (١). ويرجع استعمال هذا اللفظ عند الإمام أحمد إلى معنين:

[الأول: التفرد المطلق.]

قال الميموني: ذكر أبو عبد الله أن معمراً لقي هماماً ـ يعني ابن منبه ـ شيخاً كبيراً في أيام السودان، فقرأ على معمر، ثم ضعُف الشيخُ فقرأ معمر الباقي عليه، وهي أربعون ومئة حديث فيها غرائب، منها: "كان داود يأمر بدابته فتسرج فيقرأ القرآن" (٢).

وقال الميموني في موضع آخر: قال لي أحمد بن حنبل: "همَّام بن منبِّه روى عنه أخوه وهب بن منبِّه، وكان رجلاً يغزو، وكان يشتري الكتب لأخيه وهب، فجالس أبا هريرة بالمدينة، فسمع أحاديث ـ وكان قد أدرك المسوِّدة (٣) وسقط حاجباه على عينيه ـ وهي نحو أربعين ومئة حديث بإسناد واحد، ولكنها مقطَّعة في الكتب، وفيها أشياء ليست في الأحاديث" (٤).

فقد فسّرت الروايةُ الثانية الغرائب بأنها أشياء ليست في الأحاديث، أي لا تروى إلا من ذلك الوجه، وهذا النوع من الأحاديث هو الفرد المطلق. والمثال


(١) نزهة النظر الموضع نفسه.
(٢) المنتخب من العلل للخلال ص ١١٨ رقم ٥١.
(٣) المقصود بهم العباسيين لأن السواد كان شعارهم. ذكره الأرنؤوط في تحقيقه على سير أعلام النبلاء ٥/ ٣١٢.
(٤) تهذيب الكمال ٣٠/ ٢٩٩ - ٣٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>