للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الأول: الإعلال بالإرسال]

المطلب الأول: معنى الإرسال عند الإمام أحمد.

ذُكر للإرسال في اللغة عدة إطلاقات، وكلها تصلح أصلاً لمعنى الإرسال الاصطلاحي (١): فقيل إن أصله من قولهم: أرسلت كذا إذا أطلقته ولم تمنعه، كما في قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ} [مريم: ٨٣]، فكأن المرسل أطلق الإسناد ولم يقيده براوٍ معروف.

الثاني: أنه من قولهم: جاء القوم أرسالاً، أي قطعاً متفرقين، فإن الرسل معناه القطيع من كل شيء، والجمع أرسال (٢). فكأنه تصور من هذا اللفظ الاقتطاع، فقيل للحديث الذي قطع إسناده وبقي غير متصل مرسل، أي كل طائفة منهم لم تلق الأخرى ولا لحقتها.

الثالث: أنه من الاسترسال إلى الإنسان (٣)، وهو الاستئناس والطمأنينة إليه، ومنه حديث: "من استرسل إلى مؤمن فغبنه كان غبنه ربا" (٤)، فكأن المرسِل للحديث اطمأنّ إلى من أرسل عنه ووثِق به لمن يوصله إليه.

الرابع: أنه من قولهم ناقة مِرسال، أي سريعة السير (٥)، فكأن المرسِل للحديث أسرع فيه عجلاً فحذف بعض إسناده.


(١) هذه الإطلاقات مأخوذة من جامع التحصيل ص ٢٣ - ٢٤.
(٢) لسان العرب، مادة: "رسل" ١١/ ٢٨١.
(٣) المصدر نفسه ١١/ ٢٨٣.
(٤) أخرجه البيهقي السنن الكبرى ٦/ ٥٥٤، وأبو نعيم حلية الأولياء ٥/ ١٨٧. في سنده موسى بن عمير، قال أبو حاتم: ذاهب الحديث ميزان الاعتدال ٦/ ٥٥٤.
(٥) الموضع السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>