للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلب السابع: ذكر بعض القرائن يُتوصل بها إلى معرفة أخطاء الثقات في الأحاديث كما وردت عن الإمام أحمد

إن ما تقدم من الأحاديث كلها من أحاديث الثقات وتدل ظاهر أسانيدها ببادي الرأي على أنها صحيحة، لكن أئمة هذا العلم قد أدركوا فيها عللاً خفية حالت بينها وبين رتبة الصحة والقبول، وقد غفل عن هذه العلل كثير ممن لم يسلكوا سبيلهم فحكموا على كثير منها بالصحة وجانبهم الصوابُ في ذلك.

وعندما كشف الأئمة تلك العلل، وحكموا بموجبها على الروايات بالخطأ، لم يفعلوا ذلك بمجرد الحدس من غير تحقّق، بل اعتمدوا على أدلة ثابتة بصريح المعقول توصلوا بها إلى اليقين أو الظن الراجح في أحكامهم.

ومن خلال دارستي للأحاديث التي أعلها الإمام أحمد ظهر لي بعض القرائن رأيته يعتمدها للتوصل إلى إدراك العلل الواقعة في أحاديث الثقات. وهي كالتالي:

١. التَّفرُّد ممن لا يُحتمل تفردُه وبخاصة عن حافظٍ مُكثِرٍ ذي تلاميذَ كُثُر

وقد تقدم أمثلة كثيرة في مبحث التفرد لأحاديث الثقات التي ردّها الإمام بالتفرد، وذلك حيث لم يكن لدى الثقة من التثبت والإتقان ما يحتمل ويقبل منه أن ينفرد عن شيخه بما لا يُعرف إلا من جهته. ومن الأمثلة أيضاً:

قال أبو داود: «سمعت أحمد ذُكر له حديث ضمْرة، عن سفيان، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: «من ملَك ذا رحِمٍ مَحرمٍ فهو حرٌّ». فقال أحمد: ليس من ذا شيء، وهِم ضمْرة». (١)


(١) مسائل الإمام أحمد برواية أبي داود (ص ٤٣٣ رقم ١٩٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>