للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الثاني: جهالة الصحابي ليست بعلة.

والذي تقدم من منهج الإمام أحمد من إعلال الحديث بالجهالة خاص بمن وصف بذلك ممن دون الصحابة، أما الصحابة فجهالة أي واحد منهم ليست بعلة. وقد جاء ذلك عن الإمام أحمد صريحاً، فذكر الحافظ أبو عمر بن عبد البر عن الأثرم قال: "قلت لأبي عبد الله أحمد بن حنبل إذا قال رجل من التابعين حدثني رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمه فالحديث صحيح؟ قال: نعم" (١).

ونقل عنه أيضاً رحمه الله أنه صحّح حديث رجل من الصحابة لم يُسمّ، فقيل له في الحديث الذي رواه إبراهيم بن أبي العباس، قال: حدثنا بقية، قال حدثنا يحيى بن سعيد، عن خالد بن معدان، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يُصلي وفي ظهر قدمه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعيد الوضوء" (٢).

قال الأثرم: قلت لأحمد هذا إسناد جيد؟ قال: نعم. نقله عنه ابن عبد الهادي وقال: وقد احتج به الإمام أحمد أيضاً في رواية غير واحد من أصحابه (٣).

فقال الإمام أحمد إن إسناد الحديث جيد مع كون الصحابي في السند مجهولاً غير مسمى، مما يدل على أن ذلك ليست بعلة عنده.

وقد اعتمد ابن التركماني هذا الصنيع من الإمام أحمد في الرد على البيهقي حيث قال إثر روايته للحديث: هو مرسل (٤)، فقال ابن التركماني: تسمية هذا


(١) التمهيد ٤/ ٩٤. وانظر: الجوهر النقي بحاشية السنن الكبرى ١/ ٨٣ - ٨٤.
(٢) المسند ٢٤/ ٢٥١ ح ١٥٤٩٥. وأخرجه أبو داود ١/ ١٢١ ح ١٧٥ ـ ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى ١/ ٨٣ ـ من طريق حيوة بن شريح، عن بقية به، وزاد: والصلاة.
(٣) تنقيح التحقيق ١/ ١٣٠.
(٤) السنن الكبرى ١/ ٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>