للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلب الثالث: من وُقف على لحق في كتابه.

اللَّحَق ـ بفتح الحاء ـ هو تخريج الساقط في الحواشي (١). فإذا كان الإلحاق لما كان معلوماً جاز، كأن يكون في الأصل حديثٌ محفوظ معروف وقد سقط من إسناده رجل جاز أن يلحق بمكانه ويكتب في موضعه، لكن مع كلمة يعني ليشعر بالإلحاق، وعليه حُمل ما رواه الإمام أحمد عن وكيع: أنا أستعين على الحديث بـ "يعني" (٢). وكذلك يجوز إلحاق ما درس من كتابه من بعض الإسناد أو المتن من كتاب غيره إذا عرف صحته وسكنت نفسه إلى أن ذلك هو الساقط من كتابه، لكن من المحدثين من لا يستجيز ذلك وإن كان ما درس معروفاً ومحفوظاً (٣). فيفهم من هذا أن المستنكر من اللحق هو إلحاق الراوي في أصله ما ليس منه مما لم يكن معروفاً ولا محفوظاً، فإن ذلك ينبئ عن إخلال الراوي بضبطه لكتابه، لأن معنى ضبط الكتاب صيانته لديه منذ سمع منه وصحّحهُ إلى أن يُؤدِّي منه (٤).

والذي ورد عن الإمام أحمد من إنكاره اللحق على الراوي وتضعيفه لحديثه من أجله هو من قبيل هذا اللحق المستنكر. قال عبد الله: "سئل عن محمد بن جابر، وأيوب بن جابر فقال: محمد بن جابر يروي أحاديث مناكير، وهو معروف بالسماع، يقولون: رأو في كتُبهِ لحقاً، حديثه عن حماد فيه اضطراب" (٥). وقال في رواية


(١) علوم الحديث ص ١٧٧.
(٢) الكفاية في علم الرواية ص ٣٧١ - ٣٧٢، علوم الحديث الموضع نفسه.
(٣) الكفاية في علم الرواية ص ٣٧٣، وعلوم الحديث الموضع نفسه.
(٤) ضوابط الجرح والتعديل ص ١٣.
(٥) العلل ومعرفة الرجال ـ برواية عبد الله ٣/ ٦٢ رقم ٤١٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>