للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن أمثلة ما جاء عن الإمام أحمد من مراعاة هذا الشرط:

١. ما تقدم من عدم قبوله لسماع الزهري من عبد الرحمن بن أزهر، وقد رواه أسامة بن زيد الليثي، لكن عارضه صالح بن كيسان وكذلك معمر، فلم يذكرا السماع، فقال الإمام أحمد عن رواية أسامة: ما أُراه حفظه، وذلك لمخالفته لمن هو أوثق منه (١).

٢. قال أبو داود: "سمعت أحمد بن محمد بن حنبل يقول: قال حماد بن خالد: أخرج إليّ مخرمةُ كتبَ أبيه فقال هذه كتب أبي ولم أسمع منها شيئاً. قلت لأحمد: فقول ابن أبي أُويس؟ قال: ليس ذاك بشيء ـ يعني ما حدثنا أحمد بن صالح، عن ابن أبي أويس أنه قرأ في كتاب مالك: قلت لمخرمة: إن الناس يزعمون أنك لم تسمع من أبيك؟ فقال: ورب هذه البنية لقد سمعتها من أبي" (٢).

لم يصحح الإمام أحمد سماع مخرمة من أبيه مع ورود ما يفيد ذلك في رواية ابن أبي أويس لمعارضتها لرواية حماد بن خالد، وهو أوثق عنده من ابن أبي أويس (٣).

الشرط الثالث: ألا يكون مَن ذكر السماع ممن لا يرجع إلى التحقيق في ذكره، أو يكون له اصطلاح خاص في إطلاق التحديث في غير السماع، فإذا ورد التصريح بالسماع عن طريق مَن هذا وصفُه، وإن صح الإسناد إليه، فإنه يتوقف في قبوله. فمثال ذلك:

قال أبو داود: "سمعت أحمد عدّ من سمع منه الحسنُ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم


(١) انظر: ص ٦١٣.
(٢) مسائل الإمام أحمد ـ برواية أبي داود ص ٤٥٢ رقم ٢٠٥٣.
(٣) قال أحمد في حماد بن خالد: كان حافظاً تاريخ بغداد ٨/ ١٥٠. وقال في ابن أبي أويس: لا بأس به الجرح والتعديل ٢/ ١٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>