للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الثاني: مراتبُ الرُّواةِ عن الأَعلامِ عند الإمام أحمد ومن يُرجّح قولُه منهم عند الاختلاف

اهتمّ الأئمة النقاد بالموازنة بين رواة الأخبار توثيقاً وتضعيفاً، فكثيراً ما يرد عنهم التوثيق والتضعيف نسبييْن، فيقولون: فلان أحب إليّ من فلان، أو أحفظ، أو أثبت، أو أصح حديثاً. وأخص من هذا موازنتهم بين الرواة عن بعض الأعلام المشهورين بكثرة الرواية والتلاميذ، حتى إن بعضهم قد رتبهم على طبقات (١)، كل طبقة تجمع صنفاً متجانساً من التلاميذ يشتركون في صفة واحدة تخصهم وتمييزهم عن غيرهم.

وفائدة هذه الموازنة معرفة من يقدَّم قوله عند الاختلاف، وتمييز من يصلح للاحتجاج به عند التفرد من غيره، وهذه المعرفة بمنزلة تتمة الطريق لكشف علل الأخبار وتمييز الصحيح منها من السقيم، ولا فائدة لجمع الطرق إذا لم توجد هذه المعرفة لدى الناقد، فبدونها لا يتمكن من تمييز الخطأ من الصواب، وإن اجتمعت لديه الطرق وتمثلت أمامه.

وكان الإمام أحمد قد أولى هذا الجانب عناية فائقة، ففي كلامه في الرجال نصوص كثيرة في التوثيق والتضعيف النسبيين، والتمييز بين الرواة عن بعض


(١) الطبقة في اصطلاح المحدثين عبارة عن جماعة من الناس تشترك في أمر واحد. (توضيح الأفكار ٢/ ٥٠٤)، وانظر: طبقات الرواة عن الزهري ممن له رواية في الكتب الستة (ص ٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>