للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلب الثاني: من كانت كتبه غير منقوطة ولا مشكولة.

إن من تمام ضبط الراوي لكتابه عنايته بضبط ما كتبه شكلاً ونقطاً وبخاصة في الملتبس من الألفاظ والأسماء، ويتأكد ذلك في الأسماء بالذات لأنها لا تستدرك بالقياس ولا بالسياق. قال ابن الصلاح: "ثم إن على كتبة الحديث وطلبته صرف الهمة إلى ضبط ما يكتبونه أو يحصلونه بخط الغير من مروياتهم على الوجه الذي رووه شكلاً ونقطاً، يؤمن معهما الالتباس، وكثيراً ما يتهاون بذلك الواثق بذهنه وتيُّقظه، وذلك وخيم العاقبة، فإن الإنسان مُعرَّض للنسيان، وأول ناسٍ أول الناس، وإعجام المكتوب يمنع من استعجامه، وشكله يمنع من إشكاله" (١). وصاحب الكتاب الذي لا يعتني بهذا الجانب من الضبط لا يسلم من الوقوع في الأخطاء، وأكثر الأخطاء التي تعقب مثل هذا التفريط هو التصحيف.

وقد كان الإمام أحمد يقدّم الرواة أصحاب الشكل والتقييد لكتبهم على غيرهم، ويلحقهم بأهل الضبط والإتقان، كما تكلم في بعض الرواة الذين كانت كتبهم غير منقوطة ولا مشكولة، وكلامه فيهم وإن لم يقتض تضعيفاً لهم أو لمروياتهم إلا أنه جعلهم دون غيرهم من أهل الإتقان، وهذا يقتضي تأخيرهم عند الاختلاف والترجيح.

فمن ذلك رفعه لأمر شعيب بن أبي حمزة كما روى أبو زرعة الدمشقي قال: "وأخبرني أحمد بن حنبل قال: رأيت كتب شعيب، فرأيت كتباً مضبوطة مقيّدة، ورفع من ذكره، فقلت: فأين هو من يونس بن يزيد؟ قال: فوقه، قلت، فأين هو من عقيل بن خالد؟ قال: فوقه. قلت: فأين هو من الزَّبيدي؟ قال: مثله" (٢).


(١) علوم الحديث ص ١٧١ وانظر أيضاً عن ضبط الكتاب وتحقيقه: فتح المغيث ٣/ ٤٠ - ٤٧، تدريب الراوي ٢/ ٦٨ - ٧٠.
(٢) تاريخ أبي زرعة الدمشقي ١/ ٤٣٣ رقم ١٠٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>