للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[رحلاته العلمية]

لقد كان من نشاط الإمام أحمد في طلب العلم رحلاتٌ علميةٌ إلى عديد من البلدان الإسلامية آنذاك، والتي عرفت بأنها ملتقى لكبار المحدثين وفطاحل الفقهاء، وأول رحلاته كانت داخل بلاده العراق؛ فقد رحل إلى الكوفة سنة ثلاث وثمانين، وعمره تسع عشرة سنة، بعد موت شيخه هشيم بن بشير الواسطي؛ وكان هدفه السماع من عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، لكنه لم يظفر ببغيته؛ إذ كان عيسى حاجاً في تلك السنة، وأصيب الإمام أحمد بمرض ألجأه للعودة إلى بغداد، قال رحمه الله: "حج عيسى بن يونس سنة ثلاث وثمانين في السنة التي مات فيها هشيم، … وخرجت إلى الكوفة في تلك السنة، فمرضت ورجعت، وقدم عيسى الكوفة بعد ذلك بأيام ولم أسمع منه، ولم يحج عيسى بعد تلك السنة، وعاش بعد ذلك سنين" (١).

كما كانت أولى رحلاته إلى البصرة في رجب سنة ست وثمانين ومائتين، وهو في الثانية والعشرين من عمره، ثم خرج منها في رمضان من تلك السنة، وسمع من سهل بن يوسف الأنماطي بها (٢)، ثم عاد إليها في ذي القعدة سنة أربع وتسعين ومائتين، وهو في الثلاثين من عمره، فأقام عند يحيى بن سعيد القطان ستة أشهر، وخرج منها سنة خمس وتسعين، ثم رجع إليها أيضا وهو في السادسة والثلاثين من عمره في سنة مائتين، وحضر عدة مجالس للحديث، سمع من كبار علمائها، وهي آخر مرة يدخل فيها البصرة، وفي هذا السياق يقول:

"دخلت البصرة في أول رجب سنة ست وثمانين ومائة، ومات المعتمر في سنة سبع وثمانين في أولها، ودخلت الثانية سنة تسعين، ودخلت الثالثة في سنة


(١) العلل ومعرفة الرجال - برواية عبد الله ١/ ٥٥٩ رقم ١٣٣٤.
(٢) المصدر نفسه ٢/ ١٨٤ رقم ١٩٤٤، والتاريخ الكبير ٤/ ١٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>