المطلب الخامس: سوء الحفظ المقيد برواية الراوي إذا جمع الشيوخ في الإسناد، والإعلال به عند الإمام أحمد.
ومن العلل التي تعلّ بها الروايات في حالة دون أخرى أن يكون الراوي ليس له من الضبط ما يقبل منه أن يروي حديثاً واحداً عن عدد من الشيوخ ثم يسوقه سياقاً واحداً، وذلك أن الحديث الواحد إذا رواه عدد من الشيوخ فلا بد أن يقع بطبيعة الحال بعض الاختلافات في ألفاظهم بين شيخٍ وآخر لتصرفهم في لفظ الحديث، فإذا جاء راوٍ وروى الحديث عنهم ولم يميز لفظ هذا من ذاك، فإن ذلك مشعر بأنه قد حمل لفظ بعضهم على بعض، وبالتالي يقع في الخطأ والوهم لا محالة، ولكن هذا ليس في جميع الرواة، ولا هو في جميع الحالات، فبعض الرواة قد يكون له من الحفظ والإتقان ما يجعله يميز الألفاظ فيقبل من مثله جمع الشيوخ، كما أن في حالة الرواية بالمعنى ممن توفرت فيه شروطها، يسوغ له أن يروي عن عدد من الشيوخ ما اتحد فيه معنى حديثهم وإن اختلفت ألفاظهم.
وقد بيّن الحافظ ابن رجب هذا الوجه من الإعلال فقال:"ومعنى هذا أن الرجل إذا جمع بين حديث جماعة، وساق الحديث سياقة واحدة، فالظاهر أن لفظهم لم يتفق، فلا يقبل هذا الجمع إلا من حافظ متقن لحديثه، يعرف اتفاق شيوخه واختلافهم، كما كان الزهري يجمع بين شيوخ له في حديث الإفك وغيره"(١).
والمسئلة في الحقيقة ذات شقين:
الشق الأول: أن يروي الراوي الحديث عن عدد من الشيوخ اختلفوا في