للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد يقال: إذا كان الراوي ثقة، فلم لا يجوز أن يكون للحديث إسنادان عند شيخه، فحدث بأحدهما مرة وحدث بالآخر مراراً فكثر عدد الذين رووا وجها دون آخر، وعليه فلا يلزم إنكار الإسناد الآخر؟ ويقال مثل هذا في إبدال صحابي بآخر، وكذلك في إبدال راوٍ بآخر.

وقد أجاب الحافظ ابن حجر عن هذا الإيراد فقال: «هذا التجويز لا ننكره، لكن مبنى هذا العلم على غلبة الظن، وللحفاظ طريق معروفة في الرجوع إلى القرائن في مثل هذا، وإنما يُعوَّل في ذلك منهم على النقّاد المطلعين منهم، ولهذا كان كثير منهم - أي الرواة - يرجعون عن الغلط إذا نبهوا عليه». (١)

[النوع الرابع من القلب: القلب في المتن]

وقد سبق وأن ذكرنا تعريف الجزري للقلب في ألفاظ متون الأحاديث، وهو أحد أنواع الأخطاء الواقعة في أحاديث الثقات.

فمن أملثة ذلك مما نبّه عليه الإمام أحمد:

قال عبد الله: «حدثني أبي قال: حدثنا رَوْح، قال: حدثنا سعيد وعبد الوهاب، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، عن أبي الطُّفَيل قال: كان معاوية لا يأتي على رُكنٍ من أركان البيت إلا اسْتَلَمَه، فقال ابن عباس: إنما كان نبي الله -صلى الله عليه وسلم- يَستلِم هذيْن الرُّكنيْن. قال أبي: قال عبد الوهاب في حديثه: الحَجرُ الأسودُ واليَماني. فقال معاوية: ليس من أركانه مهجور (٢). حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن شُعبة قال: حدثني قتادة، عن أبي الطُّفَيل قال: حجّ ابن عباس ومُعاوية، فجعل ابن عبّاس يَستلم الأركانَ كلَّها فقال معاوية: إنما استلم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذيْن


(١) النكت على كتاب ابن الصلاح (٢/ ٨٧٥ - ٨٧٦).
(٢) وأخرجه أحمد في المسند (٥/ ٤٦٩ ح ٣٥٣٢). وأخرجه الطبراني (المعجم الكبير ١٠/ ٢٧١ ح ١٠٦٣٦)، والبيهقي (السنن الكبرى ٥/ ٧٦) من طريق خالد بن الحارث عن سعيد بن أبي عروبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>