للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الأول: الإعلال بالطعن في الراوي بالكذب أو التهمة به.]

من الأمور التي تعود إلى الإعلال بالطعن في عدالة الراوي الإعلالُ بالكذب، ولماّ كان عماد الرواية هو الصدق كان أشدَّ موجِبات ردّ رواية الراوي كذبُه في الحديث النبوي، ثم تهمته بذلك وفي درجتها كذبه في غير الحديث النبوي.

فكذب الراوي في الحديث النبوي هو أن يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يقلْه ولم يفعلْه ولم يُقرَّه متعمداً لذلك (١). ويُسمّى الحديث الذي رواه "الموضوع". وبعض العلماء لم ير التقييد بقيد التعمّد، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية، فعرّف الموضوع بأنه ما يُعلم انتفاء خبره وإن كان صاحبه لم يتعمد الكذب بل أخطأ فيه (٢). والناظر في مناهج النّقّاد المتقدمين ومصطلحاتهم في هذا الباب يرى أنهم يطلقون الحكم بالوضع على حديث من وقع ذلك منه عمداً أو خطأً، كما يصفون الراوي بالكذب وإن كان لم يتعمد اختلاق المتون، وكذلك جامعوا كتب الموضوعات كما أفاده الشيخ المعلمي رحمه الله حيث قال: "إذا قام عند الناقد من الأدلة ما غلب على ظنه معه بطلان نسبة الخبر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقد يقول: باطل أو موضوع، وكلا اللفظين يقتضي أن الخبر مكذوب عمداً أو خطأ، إلا أن المتبادر من الثاني الكذب عمداً غير أن هذا المتبادر لم يَلتفِت إليه جامعو كتب الموضوعات، بل يوردون فيها ما يجدون قيام الدليل على بطلانه وإن كان الظاهر عدم التعمد" (٣).

وكذلك يُطلق المتقدمون الكذب على من يدّعي سماع حديث من شيخ لم


(١) ضوابط الجرح والتعديل ص ١٠٨، وانظر: نزهة النظر ص ٤٣ - ٤٤.
(٢) المصعد الأحمد ص ٣٤ - ٣٥، وانظر: الوضع في الحديث ١/ ١٠٨.
(٣) مقدمة تحقيقه لكتاب الفوائد المجموعة ص ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>