للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلب الرابع: تعدد طرق الحديث المعلّ بكذب راويه.

ذكر المرُّوذي عن الإمام أحمد أنه ذُكر له الفوائد فقال: "الحديث عن الضعفاء قد يُحتاج إليه في وقتٍ، والمنكر أبداً منكر" (١).

وقال ابن هانئ: "قيل له ـ أي أبي عبد الله ـ فهذه الفوائد التي فيها المناكير، ترى أن يكتب الحديث المنكر؟ قال: المنكر أبداً منكر. قيل له الضعفاء؟ قال: قد يُحتاج إليهم في وقتٍ، كأنه لم ير بالكتاب عنهم بأساً" (٢).

ومعنى هذا أن الحديث المنكر لا يزال منكراً مهما تعددت طرقه، وذلك لأن المنكر قد تحقق للناقد أو غلب على ظنه من وقوع الخطأ فيه، فتعدد الطرق لا يزيل خطأه، وإنما ينفع تعدد الطرق في أحاديث الضعفاء التي يتردد الناقد فيها بين إصابة الراوي وخطئه، فإذا رُويتْ من طرق أخرى ترجّح لديه جانب الإصابة. وإذا كان هذا في الحديث المنكر ففي حديث الكذاّب والمتَّهم بالكذب كان الأمر أشد وأعظم، وكثرة الطرق وتعددها لا تفيد معه إلا كشف ما وقع فيه من سرقة الحديث، فلا تزيده إلا وهناً.

ومن أمثلة هذا ما ذكره عبد الله قال:

"ذكر أبي حديث المُحاربي، عن عاصم، عن أبي عثمان، حديث جرير: [تبنى مدينة بين دِجلة ودُجَيل … ] فقال: كان المُحاربي جليساً لسيف بن محمد بن أخت سفيان، وكان سيف كذّاباً، فأظن المحاربي سمع منه. قيل له: إن عبد العزيز بن أبان رواه عن سفيان، فقال: كل من حدّث به فهو كذاّب ـ يعنى عن سفيان.


(١) العلل ومعرفة الرجال ـ برواية المروذي وغيره ص ١٦٣ رقم ٢٨٧.
(٢) مسائل ابن هانئ ٢/ ١٦٧ رقم ١٩٢٥، ١٩٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>