[المطلب الثاني: ما يلحق بالاختلاط من أسباب سوء الحفظ الطارئ على الراوي ـ ذهاب بصر الراوي]
هناك أمورٌ أخرى غيُر كبر السن تكون سبباً لطروءِ سوء الحفظ على الراوي الثقة فيقع تخليط في حديثه، فيلتحق من هذا الوجه بالمختلطين لكبر السن الذين طرأ عليهم سوء الحفظ. وهؤلاء الرواة صنفان:
الصنف الأول: من عمي في آخر عمره.
الصنف الثاني: من ذهبت كتبه باحتراق أو غيره.
وفي هذا المطلب ستتناول الدراسة الصنف الأول، ويأتي الصنف الثاني في المطلب الذي بعده إن شاء الله.
مما يطرأ على الراوي الثقة من أسباب سوء الحفظ ذهاب بصره، حيث كان قبل ذلك يعتمد على كتابه ولا يحفظ جيداً فيحدّث بعد تلك العلة من حفظه فيغلط، أو يُلقّن فيتلقّن، فمثل هذا يجري في حديثه الذي حدّث به بعد العلة مثل ما يجري في حديث المختلِط بكبر السن: يُقبل ما حدّث به قبل ذَهاب بصره، ويُتوقف عما حدّث به بعد ذلك أو أشكل أمره. فهو إذاً سبب يُعلّ به حديث المتصِّف به لاقتضائه وجود خللٍ في ضبطه.
ولا يَدخل في هذا الصنف من ذهب بصرُه ولكنه كان قبل ذلك يحفظ مثل وُهيب بن خالد الباهلي مولاهم، أحد ثِقات البصريين. قال ابن سعد: كان وُهيب قد سُجن فذهب بصرُه، وكان ثقة كثير الحديث حجة، وكان يُملي حفظاً (١). وكذلك من كان له شخص أمين يعتني بمسموعاته فيلقّنه إياها من كتابه مثل يزيد بن هارون، فقد قال أبو خيثمة: كان يُعاب على يزيد حيث ذهب