للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخصوص مطلق كما تقدم، فكل تدليس إرسال، وليس كل إرسال تدليساً، فساغ إطلاق الإرسال على التدليس دون العكس. قال الخطيب: "التدليس متضمن للإرسال لا محالة من حيث كان المدلِّس ممسكاً عن ذكر مَن بينه وبين من دلَّس عنه، وإنما يفارق حاله حال المرسَل بإيهامه السماع ممن لم يسمع منه فقط، وهو المُوهن لأمره، فوجب كون هذا التدليس متضمناً للإرسال، والإرسال لا يتضمن التدليس، لأنه لا يقتضي إيهام السماع ممن لم يسمع منه، ولهذا المعنى لم يَذمّ العلماء من أرسل الحديث، وذمُّوا من دلَّسه" (١).

وكل ما مضى من الكلام في التدليس هو في النوع الذي اصطُلح عليه بتدليس الإسناد (٢)، ومنه أيضاً:

[تدليس العطف]

وقد ورد عن الإمام أحمد الإشارة إليه ووصفه بأنه تدليس وحش. قال المروذي: "وذكر ـ يعني أحمد بن حنبل ـ هُشيماً فقال: كان يدلِّس تدليساً وحشاً، وربما جاء بالحرف الذي لم يسمعه فيذكره في حديث آخر إذا انقطع الكلام يوصله" (٣)، فهذا النوع من التدليس اصطُلح عليه بتدليس العطف، وهو أن يروي عن شيخين من شيوخه ما سمعاه من شيخ اشتركا فيه، ويكون قد سمع ذلك من أحدِهما دون الآخر، فيصرِّح عن الأول بالسماع ويعطف الثاني عليه، فيُوهِم أنه حدّث عنه بالسماع أيضاً، وإنما حدث بالسماع عن الأول ثم نوى القطع فقال: وفلان أي حدث فلان (٤).


(١) الكفاية في علم الرواية ص ٥١٠.
(٢) النكت على كتاب ابن الصلاح ٢/ ٦١٦.
(٣) العلل ومعرفة الرجال ـ برواية المروذي وغيره ص ٥١ رقم ٣١.
(٤) انظر: النكت على كتاب ابن الصلاح ٢/ ٦١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>