للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلب الرابع: موقف الإمام أحمد من زيادات الثقات.

وهذا نوع آخر من التفرد، وهو أن يكون الحديث مشهوراً في نفسه، لكن يزيد بعض الرواة الثقات في متنه زيادة تستغرب، فهذا أيضاً حكمه مثل حكم تفرد الثقات بالحديث من أصله، فتُقبل من حافظ يعتمد على حفظه، وتُردّ إن كان ممن لا يعتمد على حفظه، ومن أمثلة ذلك عند الإمام أحمد:

١. قال أبو داود: "سمعت أحمد ذكر مالك، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة أن الذين جمعوا الحج والعمرة طافوا طوافاً وحداً: لم يروه إلا مالك، ومالك ثقة" (١).

رواية مالك تضمنت زيادة في حديث عائشة كما رواه الزهري، عن عروة، عن عائشة، وهي قولها: [فأما الذين جمعوا الحج والعمرة فطافوا طوافاً واحداً] (٢)، لم يذكرها غيره ممن روى الحديث عن الزهري (٣).

وقد أشار الإمام أحمد في هذه الرواية إلى قبولها، حيث قال: ومالك ثقة، أي فيقبل منه مثل هذه الزيادة، لا سيما وهو من أثبت الناس عن شيخه الزهري (٤).

ومما يدل على قبول الإمام أحمد لهذه الزيادة أن ظاهر مذهبه أن القارن


(١) مسائل الإمام أحمد ـ برواية أبي داود ص ٤٣١ رقم ١٩٩٥.
(٢) أخرجه من طريق مالك البخاري صحيح البخاري ح ١٤٩١، ح ١٥٥٧، ح ٤١٣٤ مع فتح الباري، ومسلم صحيح مسلم ٢/ ٨٧٠ ح ١٢١١. وانفرد يحيى الليثي من بين أصحاب مالك فرواه عن مالك من هذا الطريق ومن طريق عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة الموطأ ١/ ٤١٠ ح ٩٢٤، وانظر: التمهيد ١٩/ ٢٦٣.
(٣) أشار إلى ذلك أيضاً ابن عبد البر التمهيد ٨/ ٢٣١. وممن رواه عن الزهري ولم يذكرها: عقيل بن أبي خالد، ومعمر، وابن عيينة، وأحاديثهم كلهم عند مسلم ٢/ ٨٧٠ - ٨٧١.
(٤) شرح علل الترمذي ٢/ ٦٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>