للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الرابع: محنته.

للحافظ الذهبي رحمه الله استعراض بديع موجز لتاريخ الفتن التي نزلت بهذه الأمة وتفرقت بسببها كلمتُها وتمّ لأعداء الدين ما يريدون من تشويه عقول بعض المسلمين، يقول رحمه الله:

"كان الناس أمة واحدة، ودينهم قائما في خلافة أبي بكر وعمر. فلما استشهد قفل باب الفتنة عمر رضي الله عنه وانكسر الباب، قام رؤوس الشر على الشهيد عثمان حتى ذبح صبرا. وتفرقت الكلمة وتمت وقعة الجمل، ثم وقعة صفين، فظهرت الخوارج، وكفرت سادة الصحابة ثم ظهرت الروافض والنواصب. وفي آخر زمن الصحابة ظهرت القدرية، ثم ظهرت المعتزلة بالبصرة والجهمية والمجسمة بخراسان في اثناء عصر التابعين مع ظهور السنة وأهلها إلى بعد المائتين، فظهر المأمون الخليفة ـ وكان ذكيا متكلما، له نظر في المعقول ـ فاستجلب كتب الأوائل وعرّب حكمة اليونان، وقام في ذلك وقعد، وخبّ ووضع، ورفعت الجهمية والمعتزلة رؤوسها، بل والشيعة فإنه كان كذلك. وآل به الحال أن حمل الأمة على القول بخلق القران، وامتحن العلماء، فلم يمهل، وهلك لعامه وخلى بعده شرا وبلاء في الدين. فإن الأمة ما زالت على أن القران العظيم كلام الله تعالى ووحيه وتنزيله، لا يعرفون غير ذلك، حتى نبغ لهم القول بأنه كلام الله مخلوق مجعول، وأنه إنما يضاف إلى الله تعالى إضافة تشريف، كبيت الله، وناقة الله. فأنكر ذلك العلماء ولم تكن الجمهية يظهرون في دولة المهدي والرشيد والأمين فلما ولي المأمون، كان منهم، وأظهر المقالة" (١).


(١) سير أعلام النبلاء ١١/ ٢٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>