للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلب الثاني: وجوه الإعلال بالتدليس عند الإمام أحمد.

تقدمت الإشارة إلى أن التدليس علة قادحة في صحة الحديث لأنه سبب من أسباب وقوع الانقطاع المنافي للاتصال المشروط لصحة الحديث. وهناك جملة من الأحاديث انتقدها الإمام أحمد بسبب تدليس بعض رواتها المعروفين بالتدليس، وهذه الأحاديث المنتقدة تكشف لنا وجوه الإعلال بالتدليس عند الإمام أحمد، وهي كالتالي:

الوجه الأول: عدم تصريح المدلّس بالسماع في السند.

وذلك بأن يروي المدلّس حديثه بالعنعنة ولا يصرّح بالسماع، وهو أمر يرجح وقوع التدليس في روايته تلك، فيدل ذلك على وقوع التدليس في الإسناد فيعلّه الإمام أحمد لهذا السبب، ومن أمثلة ذلك:

١. قال أبو داود: "ذكرت لأحمد حديثَ بقية عن الزَّبِيدي، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه أن النبي عليه السلام كان يُسلِّم تسليمتيْن. قال: يقول فيه: حدثنا ـ يعني بقية؟ قلت: لا يُنكرون أن يكون سمعه! قال: هذا أبطل باطل" (١).

هذا الحديث رواه الطحاوي (٢)، والطبراني (٣) كلاهما من طريق حيوة ابن شريح، عن بقية عن الزَّبِيدي، عن سالم، عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُسلم في الصلاة تسليمتيْن، عن يمينه وعن شماله.

وأعله الإمام أحمد لعدم تصريح بقية بالتحديث من شيخه، وأنكر على من يحمله على السماع المحتمل. فهذا صريح في أن رواية بقية بالعنعنة دالة على وقوع


(١) مسائل الإمام أحمد ـ برواية أبي داود رقم ٢٠٠٥.
(٢) شرح معاني الآثار ١/ ٢٦٨.
(٣) المعجم الأوسط ٤/ ٤٤ ح ٣٥٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>