للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا كان الأمر كذلك فلا يرتبط الحكم على رواية المدلس بمجرد عنعنته لأن صدورها قد لا يكون منه بل ممِن دونه. ولعل هذا ما عناه أبو داود عند ما سمع توقف الإمام أحمد في المسألة فقال كالمعلِّل له: "الأعمش متى تُصاد له الألفاظُ؟ ".

وأما غير الإمام أحمد من الأئمة فجمهورهم على الاحتجاج بما رواه المدلس الثقة مما صرّح فيه بالسماع دون ما رواه بلفظ محتمل (١)، وطائفة منهم يفرق بين أن يُدلس عن الثقات فيُقبلُ حديثُه وإنْ عنعنَهُ، وبين أن يُدلس عن غير الثقات فلا يُقبل حديثُه حتى يصرِّحَ بالسَّماع، وعليه طائفة من فقهاء أصحاب الإمام أحمد كما قال ابن رجب (٢).

وأما التدليس من ناحية الحكم عليه في نفسه كفعل يمارسه بعض الرواة فالذي ورد عن الإمام أحمد هو القول بكراهته، ولما قيل له: قال شعبة: هو كذب، قال أحمد: لا، قد دلّس قوم ونحن نروي عنهم. ا. هـ (٣). وقال ابن هانئ: "سُئل ـ يعني الإمام أحمد ـ عن داود بن الزِّبِرقان؟ قال: إنما كتبت عنه حديثاً، وقال: ما أُراه يكذب، ولكن كان يدلِّس" (٤).


(١) جامع التصحيل ص ٩٨.
(٢) شرح علل الترمذي ٢/ ٥٨٣.
(٣) شرح علل الترمذي ٢/ ٥٨٤.
(٤) مسائل الإمام أحمد ـ برواية ابن هانئ ٢/ ٢٣٠ رقم ٢٢٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>