للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فحسبك". وقال الميموني عن أحمد بن حنبل: "إذا قال ابن جُريج: قال فاحذره، وإذا قال: سمعت أو سألت جاء بشيء ليس في النفس منه شيء" (١). وقال أبو داود: "إذا قال ابن جريج: أخبرني في كل شيء فهو صحيح" (٢).

فهذا يدل على أن ما رواه المدلس بغير لفظ السماع يتوقف فيه، فإن مفهوم قوله: "وإذا قال: سمعت أو سألت جاء بشيء ليس في النفس منه شيء" أن ما لم يقل فيه ذلك ففي النفس منه شيء، لأنه مظان وجود المناكير.

والأمر الآخر الذي يُوجب التوقف هو أن الرواة قد يتصرفون في ألفاظ الأداء عن شيوخهم، فيذكرون العنعنة مكان السماع، وقد تقدم أن في كتاب إبراهيم بن سعد بيان الألفاظ عن ابن إسحاق، بينما في كتاب يزيد بن هارون كلها بالعنعنة. قال المروذي أيضاً: "قال أحمد: كان ابن إسحاق يدلِّس، إلا أن كتاب إبراهيم بن سعد يُبين إذا كان سماعاً قال: حدثني، وإذا لم يكن قال: قال. ثم قال: يقول: قال أبو الزناد، قال فلان، قال: وتنظر في كتاب يزيد بن هارون: عن أبي الزناد كلها" (٣).

وقال عبد الله: "قال أبي: كنت أسأل يحيى بن سعيد عن أحاديث إسماعيل بن أبي خالد، عن عامر، عن شُريح وغيره، فكان في كتاب إسماعيل: قال: حدثنا عامر، عن شُريح؛ وحدثنا عامر عن شُريح، فجعل يحيى يقول: إسماعيل عن عامر. قلت: إن في كتابي: حدثنا عامر، حدثنا عامر! فقال يحيى: هي صِحاح، إذا كان شيء أخبرتُك ـ يعني مما لم يسمعه إسماعيل عن عامر" (٤).


(١) تهذيب الكمال ١٨/ ٣٤٨.
(٢) سؤالات أبي دواد للإمام أحمد ص ٢٣١ رقم ٢٢٠.
(٣) الموضع نفسه.
(٤) العلل ومعرفة الرجال ـ برواية عبد الله ٢/ ٥٤٢ رقم ٣٥٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>