للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الثاني: الإعلال بالمخالفة عند الإمام أحمد.

من الطرق التي تكشف أخطاء الرواة في رواية الأحاديث مخالفة بعضهم لبعض، ولذلك اشتهرت مقولة أهل هذا الشأن أن الباب إذا لم يجمع طرقه لم يتبين خطؤه (١)، فإذا روى الراوي حديثاً وشاركه غيره في رواية ثم خالف من هو أولى منه ثقة أو كثرة حكم على روايته بالخطأ، وعلى رواية الأَوْلى بأنها المحفوظة، ووجه ذلك أن تطرق الوهم والغلط في مروي الراوي الأقل حفظاً أولى من تطرقهما إلى الأحفظ، وكذلك تطرقهما إلى عدد قليل أولى من تطرقهما إلى جماعة أكثر عدداً، وقد ذكر الإمام مسلم في مقدمة "كتاب التمييز" (٢) أن الذي يدور عليه معرفة الخطأ في روايات نقلة الحديث راجع إلى جهتين: الأولى: ما كان واضحاً غير خفي على أهل العلم من الأخطاء في نسبة الرواة بخلاف ما عرفوا به، أو بتصحيف في المتون يعرفه السامع الفهِم، والجهة الأخرى ـ وهي موضوع هذا المطلب ـ أن يروي نفر من حفاظ الناس حديثاً عن إمام من الأئمة بإسناد واحد ومتن واحد، فيرويه آخر سواهم عن ذلك الإمام فيخالفهم في الإسناد أو يقلب المتن، فيعلم أن الصحيح ما حدث به الجماعة من الحفاظ دون الواحد المنفرد وإن كان حافظاً. ا. هـ.

وفي هذا المبحث سأورد نماذج من أحاديث أعلها الإمام أحمد لمخالفة بعض رواتها لمن هو أولى منه، وذلك في مطلبين:

الأول: المخالفة لرواية الأحفظ.


(١) هذه مقولة علي بن المديني، رواها عنه الخطيب الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع ٢/ ٢١٢، وذكر كلام غيره من الأئمة مما هو في معناها في باب: كتب الطرق المختلفة من الكتاب نفسه.
(٢) كتاب التمييز ١٧٠، ١٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>