للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما في الاصطلاح فالذي ورد عن الإمام أحمد أن الإرسال هو الرواية بإسقاط الواسطة بين الراوي ومن روى عنه، ويدل على ذلك أنه قال في صنيع ابن جريج في الأحاديث التي يرويها مصرِّحاً بإسقاط الواسطة إن ذلك إرسال. قال عبد الله: "قال أبي: رأيت سنيداً عند حجاج بن محمد وهو يسمع كتاب "الجامع" ـ يعني لابن جريج ـ فكان في الكتاب: ابنُ جُريج قال: أُخبرتُ عن يحيى بن سعيد، وأُخبرتُ عن الزهري، وأُخبرتُ عن صفوان بن سُليم. فجعل سُنيد يقول لحجاج: قل يا أبا محمد: ابن جريج، عن الزهري، وابن جُريج، عن يحيى بن سعيد، وابن جُريج، عن صفوان بن سُليم، فكان يقول له: هكذا ولم يَحمَدهُ أبي فيما رآه يصنع بحجاج وذمّه على ذلك. قال أبي: وبعض هذه الأحاديث التي كان يُرسلها ابنُ جُريج أحاديث موضوعة، كان ابنُ جُريج لا يُبالي من أين يأخذه ـ يعني قوله: أُخبرت، وحُدِّثتُ عن فلان" (١)، فسمّى رواية ابن جُريج بقوله: أُخبرتُ، وحُدِّثتُ بأنه إرسال، والرواية بهذه الصورة صريحة في إسقاط الواسطة.

وبالتتبع للنصوص التي وقفت عليها عن الإمام أحمد وجدت له عدة إطلاقات للإرسال، وهي ترجع إلى أربع معانٍ، تندرج كلها تحت معنى واحد، وهو الرواية بإسقاط الواسطة بين الراوي ومن روى عنه.

الأول: ما رواه التابعي بإسقاط الصحابي، ومن ذلك:

١. قال الإمام أحمد: وحدثنا عفّان، حدثنا حمّاد، عن عمّار بن أبي عمّار، مرسل ليس فيه ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لخديجة … فذكر عفان الحديث (٢).


(١) العلل ومعرفة الرجال ـ برواية عبد الله ٢/ ٥٥١ رقم ٣٦١٠.
(٢) المسند ٥/ ٤٤ ح ٢٨٤٥. ولفظه: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال لخديجة: "إني أرى ضوءا، وأسمع صوتاً، وإني أخشى أن يكون بي جنن" قالت: لم يكن الله ليفعل ذلك بك يا ابن عبد الله … إلخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>