للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديث. يبقى النظر في رواية عمارة بن القعقاع عن إبراهيم، وذلك أن عمارة ليس مشهوراً بالراوية عن إبراهيم حيث لم يذكره المزي من تلاميذه وإن ورد عن الترمذي ما يدل على سماعه منه (١)، وكذلك الراوي عن محمد بن فضيل ـ وهو عبد الرحمن بن عمرو الحراني ـ لا يحتمل تفرده بمثل هذا الحديث، وقد خالفه نعيم بن حماد الخزاعي (٢)، وموسى بن داود (٣) فرويا الحديث عن محمد بن فضيل عن يزيد بن أبي زياد كما رواه الثقات عن يزيد، وهما أشهر بطلب العلم من عبد الرحمن الحراني، وكل هذا يدل على عدم الاعتداد برواية عمارة بن القعقاع، والله أعلم. فقد عاد الأمر إلى تفرد يزيد بن أبي زياد بهذا الحديث، وهو ممن لا يحتج أحمد بما تفرد به فاتضح أن الحديث غير معتدّ به عنده.

وقد أبدى أبو أسامة ـ وهو من شيوخ الإمام أحمد ـ وجهاً آخر لرد الحديث فقال أبو قدامة كما رواه العقيلي: "سمعت أبا أسامة يقول في حديث يزيد بن أبي زياد، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله في الرايات السود فقال: لو حلف عندي خمسين يميناً قسامة ما صدقته، أهذا مذهب إبراهيم! أهذا مذهب علقمة! أهذا مذهب عبد الله! " (٤). فنقد الحديث من جهة متنه، وهو مخالفته للمعروف من هدي إبراهيم، وعلقمة، وعبد الله بن مسعود إذ كانوا يمنعون


(١) روى الترمذي عن عمارة أنه قال: قال لي إبراهيم النخعي إذا حدثتني فحدثني عن أبي زرعة يعني بن عمرو بن جرير … الجامع ٤/ ١٧٧ ح ١٦٩٨.
(٢) ونعيم بن حماد قال فيه الحافظ ابن حجر: صدوق يخطئ كثيراً. ا. هـ. وقد روى عنه البخاري مقروناً بغيره تهذيب الكمال ٢٩/ ٤٦٧، تقريب التهذيب ٧٢١٥ حديثه عنه في كتاب الفتن له ١/ ٣١١ ح ٨٩٥.
(٣) وهو الضبي قاضي طرسوس، وثقه محمد بن عبد الله بن نمير وغيره، وقال عنه أبو حاتم: شيخ، في حديثه اضطراب تهذيب الكمال ٢٩/ ٥٩ - ٦٠. وحديثه في مسند الشاشي ١/ ٣٦٢ ح ٣٥١.
(٤) الضعفاء للعقيلي ٤/ ١٤٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>