للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو رقة في الحفظ كما يحصل من أجل الشَّيْخُوخة وكِبَر السِّن، ولازم هذا التفريق أن الذي أصابه التغير لا يعامل معاملة المختلط، ووجه ذلك أن التغير لا يؤثِّر على مرويات الرَّاوي لقلة ما يحصل بسببه من الأوهام والأغلاط، حاله حال الثقة الذي قد يهم، فيُتَجنَّب ما تُحُقِّق أنه وهِم فيه وأخطأ، ويقبل باقي حديثه ولا يتوقف في قبولها، بخلاف الاختلاط الذي يجعل المتصف به لا يعقل ما يحدّث به، فيُجيب فيما سُئل، ويحدِّث كيف شاء فيختلط حديثه الصحيح بحديثه السقيم (١). وقال الذهبي في ترجمة هشام بن عروة: "أحد الأعلام، حجة إمام، لكن في الكِبَر تناقَص حفظُه، ولم يختلط أبداً، ولا عبرة بما قاله أبو الحسن بن القطّان من أنه وسُهيل بن أبي صالح اختلطا وتغيرا، نعم الرجلُ تغيّر قليلاً ولم يبق حفظُه كهو في حال الشَّبيبة فنسِيَ بعضَ محفوظِه أو وهم فكان ماذا؟ أهو معصوم من النسيان؟ ولما قدم العراق في آخر عمره حدّث بجملة كثيرة من العلم في غضون ذلك يسير أحاديث لم يجودها، ومثل هذا يقع لمالك، ولشعبة، ولوكيع، ولكبار الثقات، فدعْ عنك الخَبْط وذَرْ خَلط الأئمة الأثبات بالضعفاء والمُخلِّطين" (٢) وكأن الإمام أحمد لاحظ هذا الفرق واعتمده في الجريري فلم يهتمّ بتمييز الرواة عنه ولا بذكر ضابطٍ للسَّماع الصَّحيح من السماع المختلط كما فعل مع سائر المختلطين.

٢. قد يختلط الراوي ولا يؤثر ذلك على مروياته، وذلك لأحد أمرين:

الأول: أن يكون لم يحدّث بشيء حال اختلاطه، كما حصل لعبد الوهاب الثقفي، وجرير بن حازم. قال أبو داود: "جرير بن حازم وعبد الوهاب الثقفي تغيرا فحُجِب الناس عنهما" (٣).


(١) انظر: ما ذكره ابن حبان عن المختلطين المجروحين ١/ ٦٨.
(٢) ميزان الاعتدال ٥/ ٤٢٦ - ٤٢٧ النص ٩٢٣٣.
(٣) شرح علل الترمذي ٢/ ٧٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>