للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتابعه سفيان بن حبيب (١)، عن حبيب بن الشهيد به، إلا أنه أرسله عن يزيد بن الأصم بدون ذكر ميمونة. أخرجه النسائي في الكبرى (٢).

فالأنصاري أراد أن يحدث بحديث زواج النبي صلى الله عليه وسلم بميمونة فحدث بحديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم احجم وهو صائم محرم، وركب إسناد الحديث الأول له، فدخل عليه هذا في ذاك، وبيّن الإمام أحمد السبب في ذلك، وهو كون الأنصاري قد ذهبت كتبه فصار يعتمد على كتب غلامه، وليس ذلك عن سوء الحفظ. ولم يرد عن الإمام أحمد ولا عن غيره من الأئمة ما يدل على اطّراح الأنصاري بهذا السبب، والظاهر أن ذلك راجع إلى قلة ما وقع له من الخطأ بسبب هذه الآفة، فيقتصر على ردّ ما تبين أنه أخطأ فيه من الأحاديث (٣).

وقد وافق الإمامَ أحمدَ غيرُه من الأئمة على إعلال هذا الحديث وإنكاره على الأنصاري وبيان أنه دخل عليه حديث في حديث، منهم معاذ بن معاذ، ويحيى القطان، فروى عبد الله بن الإمام أحمد قال: قال أبي وقال أبو خيثمة أنكر معاذ ـ يعني ابن معاذ العنبري ـ ويحيى بن سعيد ـ يعني القطان ـ حديث الأنصاري ـ يعني محمد بن عبد الله ـ عن حبيب بن الشهيد، عن ميمون بن مهران،


(١) البصري. وثقه الفلاس، وأبو حاتم. وقال يعقوب بن شبية والنسائي: ثقة ثبت تهذيب الكمال ١١/ ١٣٨.
(٢) السنن الكبرى ٢/ ٢٣٦ رقم ٣٢٣٢. وليس هذا مجال الكلام حول الاختلاف على حبيب ابن الشهيد بالوصل والإرسال في رواية هذا الحديث.
(٣) قال الذهبي: ما ينبغي أن يتكلم في مثل الأنصاري لأجل حديث تفرد به فإنه صاحب حديث.
وروى الفسوي عن الأنصاري أنه قال: كتبت عن داود بن أبي هند أحاديث كثيرة وسمع مني بعض أصحابنا وأخذ كتابي أو غاب عني غيبة طويلة، فلم أر أن أحدث منها بشيء المعرفة والتاريخ ٢/ ٦٥٣. ولم يذكر المزي داود بن أبي هند ضمن شيوخ الأنصاري، مما يقوي ما ذكر من أنه لم يحدث عنه بعد ما ذهبت كتبه بشيء، وهذا يدل على تثبته. ولعل ما ذكره الإمام أحمد من ذهاب كتبه وتحديثه من كتب غلامه كان في آخر عمره ولأجل ثقته بغلامه ذاك. ولم أر لغلامه أبي حكيم ترجمة فيما وقفت عليه من الكتب.

<<  <  ج: ص:  >  >>