للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذه الرواية تفيد أن الإمام أحمد شافه أبا اليمان بالسؤال عن كيفية سماعه لكتب شعيب، فذكر أنه سماع، وعرض، وإجازة، ومناولة. ويؤيدها ما رواه أبو زرعة الدمشقي قال: "أخبرني الحكم بن نافع قال: كان شعيب بن أبي حمزة عسراً في الحديث، فدخلنا عليه حين حضرته الوفاة قال: هذه كتبي قد صححتها فمن أراد أن يأخذها فليأخذها، ومن أراد أن يعرض فليعرض، ومن أراد أن يسمعها من ابني فليسمعها فقد سمعها مني" (١).

وهذه الرواية تقضي على بقية الروايات لأنها من صاحب القصة، وغيرها أخذها الإمام أحمد بواسطة عن صاحب القصة، ثم إنها في الظاهر هي المتأخرة بدليل أنه لا يستقيم من الإمام أحمد سؤاله لأبي اليمان عن كيفية سماعه من شعيب إلا وقد تقدم منه عدم علمه بذلك، وقد كان يقول لا يدري هل كان أبو اليمان حاضراً في مجلس إجازة شعيب أم لا؟ كما في الرواية الأولى فناسب أن تتأخر هذه ـ أي الثالثة ـ عنها. وكذلك ما ورد عنه في الرواية الثانية من إنكاره لأبي اليمان قوله: أخبرنا فيما تحمله من شعيب بإجازة مع عدم حضور الكتب المجازة، وكونه ما أخذ الكتب إلا من بشر بن شعيب، إنما جاء ذلك قَبل مشافهته أبا اليمان بالسؤال عن كيفية سماعه من شعيب أيضاً.

فاتضح أن إنكار الإمام أحمد حين أنكر على أبي اليمان موجه إلى روايته عن شعيب بالإجازة التي لم يصحبها إحضار الكتاب المجاز، ثم تبين له بعدُ أن أبا اليمان قد كان بعض تحمله من شعيب سماعاً، وبعضه عرضاً إلخ كما تقدم.

وأما الحافظ ابن رجب فأجاب بأن حديث شعيب كان معروفاً عندهم، وأذن لهم في روايته عنه، فلا حاجة إلى إحضاره ومناولته، وحديث أبي اليمان عن


(١) تاريخ أبي زرعة الدمشقي ١/ ٤٣٤ رقم ١٠٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>