للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالمدينة (١)؛ ومحمد بن إسحاق، وحديثه عند أحمد (٢)، فهؤلاء منهم من كان من أهل المدينة ـ وهو ابن إسحاق ـ ومنهم من كان من غير أهلها لكن سماعه من هشام بها. فبناء على هذا تزول العلة التي أعل بها الحديث من أنه من رواية أهل العراق عن هشام، فلم يبق إلا الترجيح برواية الأحفظ على رواية الأكثر من حيث العدد، فترجح رواية مالك لمزيد حفظه وإتقانه، على رواية العدد الكثير وخاصة أن معظمهم ممن سمع من هشام بالعراق. وأيضاً لمعارضة روايتهم لحديث ابن عمر مرفوعاً: "صلاة الليل مثنى مثنى". قال ابن عبد البر: هذا من الأحاديث التي لم يختلف في إسنادها ومتنها، وهو حديث ثابت مجمتع على صحته، وهو قاض في الباب على ما كان ظاهره خلافه. ا. هـ (٣).

وأما الأثرم فأنكر الحديث من وجه آخر، وهو مخالفة هشام لما روي عن عائشة، قال الأثرم: وقد روى هذا الحديث عن عائشة غيرُ واحد، لم يذكروا في حديثهم ما ذكره هشام عن أبيه من سرد الخمس. ا. هـ (٤).

وقد يعترض عليه بمتابعة محمد بن جعفر بن الزبير (٥) كما رواه ابن إسحاق عنه، عن عروة عن عائشة: [كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ثلاث عشرة ركعة بركعتيه


(١) هذا مفاد الحكاية التي وردت في المعرفة والتاريخ ٢/ ١٥٠ عن يحيى قال: جرى بيني وبين مالك في حديث نافع شيء، فبلغ ذلك هشام بن عروة، فلما جئت قال: هيه يا عراقي! أي شيء وقع بينك وبين مالك؟ وكان ما بينهما ليس بذاك، فقلت: ما وقع بيني وبينه شيء. ا. هـ. لكن لا يمنع أن يكون سمع منه يحيى بالعراق أيضاً عند ما صار إليها هشام، والله أعلم.
(٢) المسند ٤٣/ ٣٧٧ ح ٢٦٣٥٨ من طريق إبراهيم بن سعد، عن ابن إسحاق، عن هشام ومحمد بن جعفر بن الزبير عن عروة به، والظاهر أنه حمل لفظ حديث هشام على حديث محمد بن جعفر. انظر: لفظ حديث محمد بن جعفر سنن أبي داود ٢/ ٩٦ ح ١٣٥٩، السنن الكبرى للبيهقي ٣/ ٢٨. وبين اللفظين مخالفة ظاهرة، كما سيأتي.
(٣) التمهيد ٢٢/ ١١٩.
(٤) فتح الباري لابن رجب ٦/ ١٩٤.
(٥) وثقه النسائي وغيره تهذيب الكمال ٢٤/ ٥٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>