للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُكتَفى بمجرد اللقاء فضلاً عن إمكانه.

ولهذا الاعتبار حكم الإمام أحمد بالإرسال على رواية سعيد بن السيب عن عمر، مع أنه أثبت أن سعيداً قد رأى عمر وسمع منه لكنه ما سمع منه إلا شيئاً يسيراً، فرواياته عنه زيادة على ذلك مرسلة (١)؛ وكذلك جعل رواية مكحول عن واثلة بن الأسقع مرسلة مع أنه أثبت دخوله عليه ورؤيته له، لكن أنكر سماعه له (٢)، وقال: لم يصح له منه سماع (٣).

وقد يعترض على المثال الأول، وهو ابن المسيب عن عمر بما رواه أبو طالب أحمد بن حميد أنه قال لأحمد: "سعيد عن عمر حجة؟ قال: هو عندنا حجة، قد رأى عمر وسمع منه، إذا لم يقبل سعيد عن عمر فمن يقبل؟ " (٤)، ويمكن أن يجاب عنه بأن اعتبار رواياته حجة لا يخرجها عن كونها مرسلة، لأن مراسيل ابن المسيب عند أحمد صحاح، وكان لا يرى أصح من مرسلاته (٥)، وخاصة ما أرسله عن عمر، فإنه كان يسمى راويته لأنه كان أحفظ الناس لأحكامه وأقضيته (٦)، وهذا مما لا يخفى على الإمام أحمد.

وهناك وجه آخر لعدم الحكم بالسماع والاتصال بمجرد اللقاء، وهو أنه قد يحصل اللقاء بين راوييْن مع الرواية لكن تكون الرواية من كتاب بلا سماع


(١) شرح علل الترمذي ٢/ ٥٩٠.
(٢) وقد روى أبو داود عن أحمد أنه سمع مكحول من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من أنس، وواثلة، وأبي هند. ا. هـ. مسائل الإمام أحمد ـ برواية أبي داود ص ٤٥٣. وكذلك أثبته ابن معين والترمذي وصالح الجزرة انظر: تاريخ دمشق ٦٠/ ٢٠٨ - ٢١٠.
(٣) شرح علل الترمذي ٢/ ٥٩٠ - ٥٩١.
(٤) الجرح والتعديل ٤/ ٦١.
(٥) تهذيب الكمال ١١/ ٧٣ برواية الميموني وحنبل عنه. وانظر: سير أعلام النبلاء ٤/ ٢٢٢، وشرح علل الترمذي ١/ ٥٥٥.
(٦) تهذيب الكمال ١١/ ٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>